منهج الطالبین

خميس شقصي d. 1090 AH
88

منهج الطالبین

منهج الطالبين

اصناف

وأما قوله خطأ العالم الذي يحوز له أن يفتي بالرأي: مرفوع عنه، وصوابه مأجور عليه فمعني هذا: أن الخطأ على ضربين: خطأ ضلال- وهو أن يقول بالرأي فيما لا يجوز فيه الرأي؛ مما جاء فيه حكم من كتاب الله - تعالي - وسنة رسوله، أو إجماع أمته، أو ما أشبه ذلك، فإذا قال: بشيء من هذا برأيه مما يخالفه - ولو كان ممن يجوز له أن يقول بالرأي، فأخطأ فيه - فهو هالك ضال فيما قال؛ لأنه قال بالرأي في غير موضع الرأي، وليس مرفوع عنه خطؤه، بل آثم في ذلك، ضامن ظالم، وإن قال بالرأي في موضع الرأي - وهو ممن يجوز له القول بالرأي، باجتهاده بالرأي، فوافق الصواب - كان مأجورا مصيبا وإن كان خالف الصواب باجتهاد رأيه - وهو من أهل ذلك - كان معذورا من الحق قريبا، لا فرق بينه وبين من أصاب الحق على الحقيقة الذي طلبه؛ كما لا فرق بين من تحري القبلة عند من عدم معرفتها بالعين، أو بالشواهد الدالة عليها فتحري القبلة، وأدي اللازم من الصلاة، ومعه غيره يتحرون ذلك مثله، كل منهم يجتهدوا رأيه، فأصاب بعض وجه القبلة باجتهاد، وأخطأه بعضهم، وصلوا الصلاة على ذلك، ففي الإجماع أنهم مسلمون متفقون غير مفترقين، وفي تعقب ذلك: إذا كان أحدهما أخطأ وجه ما أراد باجتهاده؛ ففي أكثر ما قيل عندنا: أنه لا يدل عليهم جميعا، وأنهم كلهم سواء في الفعل، وفي العاقبة.

وقد قيل - ولا أعلم صحيحا من قول أصحابنا:-أن على المخطئ منهم البدل؛ إذا علم ذلك، ولا يبعد ذلك إلا شيئا يلحق معانيها.

وأما التارك للقبلة للدلائل الظاهرة للمصلي باجتهاده إلى غير القبلة يهوي، أو يعمي، ولو ظن أن ذلك يجوز له؛ إذا رأي من هو مثله - في بقعته - يصلي إلى مثل ذلك؛ فلا عذر له ولا نعمة عين.

صفحہ 91