منهج الطالبین

خميس شقصي d. 1090 AH
85

منهج الطالبین

منهج الطالبين

اصناف

وقال: إذا جاء في المسألة اختلاف، وأخذ فيها أحد بقول من أقاويل المسلمين، وعمل به، وهو له بصر، وتمييز، وتحري العدل في ذلك، ورآه أقرب شبها بكتاب الله، أو سنة رسوله محمد (- صلى الله عليه وسلم -)، أو إجماع المهتدين من الأمة - فجائز له ذلك.

وأما سائر المسلمين غير العلماء فاختلاف المسلمين لهم رحمة، وجائز لهم أن يتمسكوا بقول من أقوال المسلمين ما لم يحكم عليهم حاكما من حكام المسلمين ممن يجوز جبره للرعية على الحكم بخلافه؛ فلا يجوز خلاف ما حكم به الحاكم.

فصل:

قال أبو سعيد: إذا أفتي العالم بشيء يعلم الأصل فيه؛ فزلت لسانه في فتياه، فخالف الحق - أنه لا يسع المفتي [له] أن عمل بما أفتاه العالم من الباطل، ولو لم يعلم أنه باطل؛ فإن مات وهو على ذلك الباطل الذي يخالف الكتاب، والسنة، والإجماع - فهو هالك، ولا إثم على العالم في ذلك.

وإن كان المفتي لا يعرف الأصل؛ فتحري في فتياه الصواب، وأفتي، وخالف الكتاب والسنة والإجماع فالمفتي، والمفتي [له] هالكان كلاهما، وإن وافق قولا من أقوال المسلمين مما يجوز فيه الرأي - فالمفتي سالم إذا وافق الحق، والمفتي [له] بعض عذره؛ لأنه وافق الحق.

وبعض رآه آثما؛ لأنه تكلم في الإسلام بغير علم؛ لقول الله تعالي: " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " . والمفتي إن أفتاه هذا العالم بالأصول، فخالف الحق المجتمع عليه؛ فلا يجوز أن يعمل بالباطل، ولو اعتقد السؤال عما يلزمه.

وإن هو عمل بما يفتي، وهو معتقد السؤال؛ فلم يزل على ذلك يعمل بما يفتي، ويسأل حتى مات قبل أن يصيب الحق، فإذا دان بأداء ما يلزمه في ذلك، وتاب في الجملة من جميع ما خالف فيه رضا الله، ومن جميع ذنوبه.

صفحہ 88