فينبغي أنه؛ إذا عرف من قول أحد ومذهبه شيئا، ثم سمع عنه غير ذلك أن يحسن به الظن؛ فإنه قد يجوز أن يتكلم المتكلم على وجه المذاكرة، والمناظرة، والاستخبار، والكشف عن الحجة، والمساءلة لطلب الفائدة.
وقد يحقق الواحد من المحقين حجة من حجج المبطلين، ويناظر عليها؛ إذا كان قد عرف غير ذلك، فلا يكون ذلك مأخوذا به؛ بل له في ذلك المدح؛ إذا أبصر حجة المخالفين له وأقاولهم.
...وقد بلغنا: أن بعض أهل الاستقامة، يناظره بعض أهل العلم على الأديان في الخلاف؛ حتى يفلج عليه، ويقول له: لو كنت أعلم أنك على هذا لبرئت منك، ولم يبرأ منه؟ وقد ناظره على دين أهل الخلاف، وأقام عليه حجة أهل الخلاف للدين؛ فهذا معنا؛ لو كانت هنالك سلامة صدور لما يراد به من تلك الأمور أن يكون هذا الكلام يصلح بعضه بعضا، ويوافق بعضه بعضا، [إذ] لو كان باطلا؛ لوجدنا فيه اختلافا كثيرا.
وأما القول في أنه لا يؤخذ بما في الأثر إلا من عرف عدله: فذلك خاص لمعنيين.
فمعني على وجه التوقيف عن الأمر؛ أن لا يقبل حتى يعرف عدله.
ويبصر عدله أن يكون هو عدلا في أصل دين الله، ويشرح له صدره، ويطمئن إليه قلبه، وذلك: معني أبصر عدله؛ لأن الله تبارك وتعالي يقول: " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام " ، " ومن يؤمن بالله يهد قلبه ".
وسئل بعض الفقهاء: أيهلك من يأخذ بالرخص عند الضرورة؟ قال: لا يهلك وهو واسع له؛ إذا ببعض الأقاويل عند الاضطرار إلى ذلك، وقيل(1): إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يجب أن يؤخذ بعزائمه.
صفحہ 87