والباطل في ذلك على وجوه: منه ما يكون القائل في ذلك الأثر محقا، والقابل منه ذلك على ما يوجد في الأثر عنه مبطلا؛ وذلك كلما خرج على وجه التقليد في الأحكام لا في الشريعة في الإسلام في شهادة شهد بها على غيره، أو براءة تبرأ بها من غيره، خصه ذلك بعلمه، فأنفذ فيه الحق بحكمه، وأشباه هذا؛ مما هو مثله، فذلك حائز له هو.
ولا يجوز لغيره أن يتبع أثره فيه، ولا يقلده [في] ذلك، ولو سمعه يشهد ويبرأ مما جاز له أن يشهد بشهادته، ولا يبرأ لبراءته، إلا حتى يعلم كعلمه، فالأثر أحرى، وأجدر ألا يجوز الأخذ بذلك عنه فيه.
ومن ذلك ما يكون من نقل الشريعة، وللقول فيه في الدين، كالقول في الباطل المأثور عن العالم المشهور؛ أن يكون الباطل منه على هفوة، أو زلة مخالفا في ذلك الحق، ومؤثر ذلك من قد عرفه وهو صحيح عنه، وهو باطل في الأصل.
ولا يجوز قبول الباطل، ولو سمعه السامع ينطق ذلك بلسانه، وحصره بعيانه - ما جاز له أن يقبل منه ذلك الباطل المخالف للحق من كتاب الله أو من سنة نبيه، أو من إجماع المحقين.
وقد يكون ذلك الباطل من العالم على وجهين:
أحدهما: أن يقصد إلى البدل في ذلك؛ على علم منه بذلك الحق، ويخطئ بغيره، ولا نعلم أنه أخطأ بغيره، وقد قال بالباطل الذي يعلم هو أنه باطل؛ وإنما قصد إلى ضد الباطل، وإلى إصابة الحق؛ فلا خطأ على مسلم، وقد يقال: عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) أنه قال: "عفي لأمتي الخطأ والنسيان"(1) وهذا من الخطأ الذي على المسلمين عنه؛ فالقائل في هذا على هذا الوجه مصيب عند الله في دينه، لا تبعة عليه إلا أن يعلم، فيرجع عن ذلك والقابل منه ذلك، والعامل به مبطل لا عذر له في ذلك أن يقبله من أثر، ولا عن سماع له، وبصر، ولا عن صحيح سريرة.
صفحہ 83