وقال(1)معاذ بن جبل (رحمه الله): كنت أطوف مع النبي (صلي الله عليه وسلم) بالبيت؛ فقلت: يا رسول الله - صلي الله عليك - من أشد الناس عذابا؟، فأعرض عني، ثم سألته، فأعرض عني، ثم سألته، فقال: "من يري الناس فيه خيرا، ولا خير فيه"، وفي موضع(2)آخر أنه شرار العلماء، فقال كعب: هم أرباب العلوم الذين لا يعملون بها، وقال: يذهب العلم من قلوب العلماء بعد إذ وعوه الطمع، والشره، وطلب الحوائج إلى الناس.
وقال ابن مسعود (رحمه الله): كان أهل العلم فيما مضي يضنون على أهل الدنيا بعلمهم؛ فيبذل أهل الدنيا دماءهم، وأموالهم للعلماء، فلما بذل العلماء علمهم لأهل الدنيا ضمن أهل الدنيا بدنياهم، وقيل: لا ينتفع عالم بعلمه حتى يعمل به، وقيل، قال الخضر (عليه السلام) لموسى (عليه السلام): تعلم العلم؛ لتعمل به، ولا تعلمه لتحدث به الناس؛ فيكون لغيرك نوره، وعليك بوره (أي وزره). وقيل: لا خير في عبادة ليس فيها نفقه، ولا علم ليس فيه تفهم، ولا قراءة ليس فيها تدبر، وقيل: الفقيه بلا ورع كالسراج في البيت؛ يضئ للناس، ويحرق نفسه.
وحدث رسول الله (صلي الله عليه وسلم) أصحابه بذهاب العلم؛ فقالوا: يا رسول الله، لا ندري كيف يذهب العلم؟ ونحن نقرأ القرآن، ويقرؤه آباؤنا، وأبناؤنا، وأبناؤنا يقرئونه أبناءهم؟ فقال (صلي الله عليه وسلم): أو ليس هؤلاء اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل لا ينتفعون بما فيهما لشئ؟.
صفحہ 38