فيكون أول التلقين، كإلقاء البذر في أرض الصدر، وتكون هذه الأسباب كالسقي والتربية له؛ حتى ينمو ذلك البذر، ويقوي، ويرتفع شجرة طيبة راسخة في الصدر: أصلها ثابت، وفرعها في السماء.
ثم إذا وقع نشوء الصبي على هذه العقيدة مشروحة، ولم ينفتح له غيرها، ولم يطلع على اختلاف الناس؛ حتى يميز بين البدعة وغيرها، فاستمر على وظائف العبادات، واجتناب المحرمات، حتى مات على ذلك فإنه ناج في الآخرة إن شاء الله تعالي.
إذ لم يكنف الرسول عليه السلام أخلاق أحد من العرب بأكثر من التصديق والجزم بظاهر هذا الاعتقاد، وهو: الإيمان بالله، وبرسوله، وبما جاء به؛ أنه الحق من عند الله.
فصل:
وأما البحث، والتفتيش على اختلاف الناس، وتكلف نظم الأدلة لذلك: فلم يكنف بذلك أصلا، وأن سعادة التوفيق في سلوك طريق الآخرة؛ حتى إذا اشتغل العبد بالعمل، ولازم التقوي، ونهي النفس عن الهوى، واشتغل برياضة النفس، والمجاهدة انفتح له أبواب من الهداية، وانكشف له عن حقائق هذه العقيدة بنور يقذف في قلبه بسبب المجاهدة، تحقيقا لوعد الله تعالي؛ إذ قال: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ".
فصل:
وأما الأدلة على وجود الله تعالي: فيكفي في ذلك ما أرشد إليه القرآن، وليس بعد بيان الله بيان.
قال الله تعالي: " ألم نجعل الأرض مهادا، والجبال أوتادا "إلى قوله: " وجنات ألفافا ".
صفحہ 242