منهاج المتقين في علم الكلام
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
اصناف
القول في أن الله تعالى غني
الغني في اللغة: من استغنى بما في يده /135/ عن ما في أيدي الناس، ومنه القناعة رأس الغنا. وفي اصطلاح الفقهاء هو من ملك النصاب أو ما قيمته نصاب، وقيل من ملك الكفاية.
وفي اصطلاح المتكلمين هو الحي الذي ليس بمحتاج.
والحاجة ضربان: حاجة الأثر إلى المؤثر، وتقدم نفيها عن الله تعالى في ذاته وصفاته وحاجة دعاء وصرف، وهي ما يدعو الحي إلى جلب نفع له أو نصرته عن جلب ضرر إليه، والداعي: هو ما يرجح وجود فعل على عدمه من غير تأثير.
وينقسم إلى داعي حكمة، وهو علم الحي أو ظنه، واعتقاده بأن للغير في الفعل نفع أو دفع ضرر مع حسنه. وقلنا: مع حسنه، احترازا من إثابة أهل النار وداعي حاجة، وهو كداعي الحكمة إلا في اعتبار الحسن، وفي أن النفع ودفع الضرر هنا عائدان إلى نفس الحي، ولهذا امتنع في حقه تعالى، والصارف ما يرجح عدم الفعل على وجوده من غير تأثير، وقسمته كقسمة الداعي إلا أن تعلقه على العكس والمنفعة هي اللذة والسرور أو ما أدى إليهما أو إلى أحدهما، ويفارق النعمة مفارقة الأعم للأخص من حيث أن النعمة منفعة مخصوصة، والمضرة هي الألم والغم أو ما أدى إليهما أو إلى أحدهما، ويفارق النقمة والظلم مفارقة الأعم للأخص أيضا، واللذة والألم هما المعنى المدرك بمحل الحياة فيه، لكن إن قارنه شهوة سمى لذة، وإن قارنه نفار سمي ألما، فبهذا التدريج صارت الحياة ملازمة للشهوة والنفار اتفاقا بين الشيوخ، وإنما اختلفوا في علة امتناع الشهوة والنفار عليه تعالى. فقال أبو هاشم: لأنهما يلازمان الزيادة والنقصان من حيث يزداد جسم أحدنا يتناول ما يشتهيه وينقص بتناول ما ينفر عنه.
صفحہ 203