198

منهاج المتقين في علم الكلام

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وقيل: قد صار بالعرف من الأسماء المقيدة للتعظيم، وهو الحق؛ لأنه لو كان على القول الأول لما صح الترضية إلا عمن يقطع بأنه لم يأت معصية قط، وذلك يؤدي إلى أن لا يرضى عن أحد حتى الأنبياء.

ومنها: قولنا قاصد ومختار إلا أنهما لا يستعملان إلا في فعل النفس بشرط المقارنة أو ما في حكمها، وقد يستعمل الاختيار في إيقاع الفعل لا على وجه الإكراه.

وأما ما يجري عليه بمعنى كونه كارها فنحو قولنا ساخط وهو نقيض الراضي يفيد وقوع الفعل المكروه، ومتى علق بالفاعل نحو قوله تعالى: {أن سخط الله عليهم}، فمعناه كراهة المنافع وإرادة المضار، وفيه من الخلاف ما تقدم، والحق أنه قد نقل إلى ما يفيد الذم والاستحقاق لولا هذا لما جاز إطلاقه على أحد قط؛ لأنه ما من مكلف إلا وقد فعل واجبا أو ترك قبيحا.

وأما الغضب والبغض فيصح أن يكون من باب إرادة المضار، ويصح أن يكون من باب كراهة المنافع، وكذلك المعاداة من الله تعالى لعباده.

وأما المعاداة من العباد لله تعالى فمعناه معاداة أوليائه بإرادة مضارهم والاستخفاف بهم أو كراهة منافعهم وإعظامهم.

وأما البراءة من الله تعالى فإن علقت بالفعل فالمراد أنه كراهة نحو: إن الله بريء من الكفر وإن علقت بالفاعل نحو: إن الله بريء من المشركين، جاز أن يكون بمعنى كراهة فعله، وجاز أن يكون متفق له إلى معنى الذم والاستخفاف.

وأما الغيظ فلا يجوز إجراؤه؛ لأنه يفيد ضربا من التغير وفوران النفس.

صفحہ 202