============================================================
وأما الجية والثار : فتأمل فيهما آيتين من كتاب الله تعالى : إحداهما : قوله تعالى : { وسقدهم ربهم شرابا طهورا * إن هلذا كان لكر جزاء وكان
1 سعيكر مشكورا} .
و[الثانية] : قال تعالى حكاية عن آخرين : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظللمو * قال اخسثوا فيها ولا تكلمون} ، فروي : أنهم يصيرون عند ذلك كلابا يتعاوون في النار.
نعوذ بالله الرؤوف الرحيم من عذابه الأليم ؛ فإن الأمر كما قال يحيى بن معاذ رحمه الله: لا ندري أيي المصيبتين أعظم : فوث الجنان ، أم دخول النيران ؟
أما الجنة: فلا صبر عنها، وأما النار : فلا صبر عليها .
وعلى كل حال : فوث النعيم أيسر من مقاساة الجحيم : ثم الطامة الكبرى والمصيبة العظمى هي الخلود ؛ إذ لو كان الأمؤ على كل حال منقطعا. . لكان الأمرهينا ، وللكن الشأن في أبد بلا آخر ، فأي قلب يحتمل ذلك؟ وأي نفسي تصبر على ذلك؟ ولذلك قال عيسى ابن مريم عليه السلام : " ذكر خلود الخالدين يقطع قلوب الخائفين" .
وذكر عند الحسن : أن آخر من يخرج من النار رجل يقال له هناد ، عذب ألف عام، ينادي : يا حنان يا منان، فبكى الحسن وقال : يا ليتني كنت هنادا ، فتعجبوا منه، فقال : ويحكم! أليس يوما يخرج؟
قلث أنا : فرجع الأمر كله إذن إلى أصلي واحد ، وهي النكتة التي تقصم الظهور، وتصفر الوجوه، وتقطع القلوب، وتذيب الأكباد، وتدمي العيون من العباد، وهي خوف نزع المعرفة، فهلذه الغاية التي ينتهي إليها خوف الخائفين، وتبكي عليها آعين الباكين.
ولقد قال بعضهم : إن الغموم ثلاثة : غم الطاعة الأ تقبل، وغم المعصية الا تغفر، وغم المعرفة أن تسلب .
211
صفحہ 216