============================================================
وتبعهما الحسن وطاووس وقتادة رحمهم الله .. أنه تعالى أخذ على كل نبي بعثه من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه (1)، ويلزم من هنذا أن الأنبياء كانوا يأخذون الميثاق من أممهم بأنهم إن أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم.. آمنوا به ونصروه، ودعوى أن هذا هو معنى الاية دون الأول.. مردودة، ولا ينافي الأول العلم بأن الأنبياء لا يدركون حياته صلى الله عليه وسلم، ولا الحكم في آخر الاية بالفسق على من تولى عن ذلك ؛ لأن التعليق في مثل ذلك لا يستلزم الوقوع ، ألا ترى إلى قوله تعالى : لين أشركت لحبطن عملك}، ولو لقول علينا بعض الأقاويل * لآخذنا منه باليمين} ؟ فالمقصود أنه لو فرض أنه بعث وهم أحياء.. لزمهم ذلك، كما أن القصد من هاتين الايتين الفرض والتقدير أيضا، ومن ثم قال الإمام التقي السبكي : دلت الآية على أنهم لو أدركوا زمنه. . كان مرسلا إليهم ، فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق الأنبياء وأممهم من لدن آدم إلى قيام الساعة وحيئذ يدخلون في قوله : " وأزسلت إلى الناس كافة "(2).
وحكمة أخذ هلذا الميثاق على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إعلامهم وأممهم بأنه المقدم عليهم، وأنه صلى الله عليه وسلم نبيهم ورسولهم، وقد ظهر ذلك في الدنيا بكونه آمهم ليلة الإسراء، ويظهر في الاخرة بأنهم كلهم تحت لوائه، بل وفي آخر الزمان يكون عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل حاكما بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم دون شريعة نفسه ثم بين الناظم فضل بعض تلك البشارات في تلك الفترات فقال : تتباهى بك العصور وتشمو بك علياء بغدها علياء (تتباهى) أي: تفتخر (بك) أي: بوجودك (العصور) أي: الأزمنة الطويلة من لدن آدم إلى يوم القيامة وما بعده، فكل عصر يفتخر على العصر الذي قبله؛ (1) أخرج ذلك الطبري في " تفسيره " (236/3).
(2) أخرجه البخاري (438)، ومسلم (523) والترمذي (1553)
صفحہ 39