من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
اصناف
وتبدو قضية النفس والبدن تعبيرا عن هذه الثنائية التي اختلف عليها القدماء بين الصوريين والماديين. فالفعل مشترك بين النفس والبدن، المعرفة من النفس والبدن، ولكن الصحة من النفس وسبب المرض من البدن. ويأتي البحث في الأشياء الإرادية بعد البحث في الأشياء الطبيعية والميتافيزيقية، وهي الأشياء التي تشترك في عمل واحد، ويوجد فيها هذان الصنفان من الأفعال.
95
واتفق فريق ثالث أن مبادئ الموجودات ثلاثة.
96
وقد يكون المبدأ الواحد هو الجوهر، والجوهر كلي، وما هو كلي أحق بلفظ الجوهر. والواحد الكلي هو المبدأ لجميع الأشياء، وهو من الحدود سواء كان ماديا أو كليا ضد من يتشكك في ذلك. وأحيانا يكون الجوهر مفارقا. والذين قالوا بالصور لم يقولوا في عددها قولا مقنعا أو يبينوا الطريق للوصول إليها. واعتبر المحدثون الكليات هي الجواهر مبادئ الجوهر المحسوس. ومن القدماء من قال إن المبدأ الأول خير دون أن يفصل على أية جهة، وكيف صار غاية للكل أو محركا أو صورة.
97
وقد يكون الجوهر الواحد ماديا مثل الهيولى، ثم اختلف القدماء في تحديدها بأحد العناصر الأربعة، والعلل أربعة كما أكملها أرسطو وأتمها ونسق بينها بعد أن جعلها القدماء متناقضة خاصة الصورية والمادية. ولم يفصلوا الفاعلة، ونسوا الغائية. وعند أرسطو الجسم هو الجوهر دون السطوح (الخطوط)؛ لذلك اعتبر كثير من القدماء أن الجوهر والهوية جسم، وأن سائر الأشياء لا تحد بحد الجسم، وظنوا أن أوائل الأجسام أوائل الهويات. يضع أرسطو البنية ويأتي التحليل من التاريخ. البنية تأتي أولا ثم يتلو التاريخ باعتباره تطورا لها، وقد جعل بعض القدماء المبادئ موجودات متفردة لا كليات كما هو الحال في العلم الطبيعي، فجعل البعض مبدأ الجوهر هو المحبة وعند البعض الآخر جسم متناه مثل الهواء أو الماء. وعند فريق ثالث جسم غير متناه، وغير المتناهي هو الأسطقس الأول. وأجناس الأسباب الأولى أربعة. فمبادئ الجوهر عند القدماء الأسطقسات وعللها أيضا مبادئ أول. أما الجزئيات فهي النار أو الأرض الحسية الفعلية. وفريق رابع يرى أن الجوهر متغير، وأن الإنسان لا ينزل النهر الواحد مرتين مثل هرقليطس. ولم يفت القدماء تناول الكيفيات الانفعالية في الموضوعات الطبيعية والتي عبروا عنها باسم الآلام.
98
ويعرض ابن رشد موضوع القوة والفعل وموقف القدماء منه. وهو أحد الموضوعات الرئيسية في كتاب ما بعد الطبيعة، فقد أنكر بعض القدماء الوجود الفعلي للكون، وأن من ظن الحواس أنه متكون وهو ليس كذلك بل تخرج الموجودات بعضها من بعض. فالموجودات متقدمة بالوجود والفعل. والسبب في ذلك أنهم لم يلاحظوا تماما طبيعة الهيولى بل توهموها بالرغم من توجههم نحوها وكأن طبيعة الحق دفعتهم إليها. هناك إذن بواعث حقيقية وتوجه صحيح للشعور نحو الموضوع.
99
نامعلوم صفحہ