من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق

حسن حنفی d. 1443 AH
141

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق

اصناف

2

لذلك يصعب القول بأن النقل سابق على التعريب، وأن الترجمة قد تمت قبل النقل الصوتي؛ نظرا لعدم دقة الترجمة؛ فالتعريب أسهل لأنه لا يتطلب نحت المصطلح واشتقاقه من اللغة العربية، خاصة وأن المعنى لم يكتمل بعد في ذهن المترجم، والترجمة أصعب لأنها تتطلب فهم معنى اللفظ الأجنبي، ونحت مصطلح عربي يعبر عن هذا المعنى، والأسهل يأتي قبل الأصعب. وقد حدث هذا في حياتنا المعاصرة؛ فالراديو سبق المذياع، والتلفزيون سبق الشاشة المرئية، ولفظ السينما استعمل قبل الخيالة، والتليفون قبل الهاتف أو المسرة. وأحيانا يصبح اللفظ المعرب اللفظ الأوحد دون لفظ منقول.

3

ومراعاة للدقة في المصطلحات يوضع المصطلح اليوناني بالنقل الصوتي

Transliteration ، بالإضافة إلى المصطلح العربي المقترح. ويقوم النقل الصوتي بدور الاطمئنان على اللفظ والمعنى دون التضحية بأحدهما في سبيل الآخر؛ فقد سبق التعريب الترجمة؛ فمثلا بالنسبة لمنطق أرسطو، قاطيغورياس قبل المقولات، باري أرمنياس قبل العبارة، أنالوطيقا الأولى قبل القياس، أنالوطيقا الثانية قبل البرهان، سوفسطيقا قبل المغالطة، طوبيقا قبل الجدل، ريطوريقا قبل الخطابة، بويتيقا قبل الشعر. وبالنسبة لبعض ألفاظ الطبيعات لفظ أسطقسات سبق العناصر، وهيولى سبق المادة. وأحيانا لا يوضع اللفظ العربي ويكتفى بالنقل الصوتي، وذلك له دلالة من حيث إن اللفظ الأجنبي هو الموضوع، قبل أن ينفصل المعنى عن اللسان الأجنبي، ويتم التعبير عنه باللسان العربي، فيقال أنالوطيقا الأولى فقط دون ذكر للقياس، مع أنه تمت ترجمة «الأولى»

والثانية أو الأواخر دون

Huteros ؛ وبالتالي لا يجوز للناشر الحديث أن يضع نظرية القياس ولو بين قوسين لشرح المعنى أسوة بالترجمات الغربية الحديثة؛ فالاكتفاء بالنقل الصوتي عند القدماء له دلالته على الموقف من النص الأجنبي في هذه المرحلة، التي تسبق التوجه إلى المعنى والتعبير عنه باللفظ العربي، كمرحلة تالية للنقل قبل مرحلة الإبداع. في النقل الصوتي اللفظ الأجنبي هو الموضوع، واللفظ العربي هو المترجم، حتى يأتي التغريب فيصبح اللفظ الأجنبي هو المترجم واللفظ العربي هو الموضوع. يدل النقل الصوتي على عدم تحول اللغة إلى مصطلح؛ فهي ما زالت مادة خاما حتى قرأت الكلمات اصطلاحات مثل «أيوبا تسيس»؛ أي فرض، «أبودكسيس»؛ أي البرهان، «أكسيوما»؛ أي الشيء المتعارف عليه، فإذا ما ألحق النقل الصوتي باللفظ العربي، فإن الثاني يكون تعريفا بالأول، وكأن الأول هو الموضوع لفظا بينما الثاني الموضوع معنى.

4

وعند الجمع بين النقل الصوتي (التعريب) والترجمة، تظهر حروف أو كلمات متوسطة بين الاثنين، تكشف عن هذا الإحساس بالانتقال من التعريب إلى الترجمة، من اللفظ إلى المعنى مثل حرف «أي» أو كلمة «المعروف ب»، «الموسوم ب» «المسمى»، قبل التوجه إلى المعنى مباشرة في الترجمة.

5

نامعلوم صفحہ