عقیدہ سے انقلاب تک (3): انصاف
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
اصناف
10
وقد تكون الآلام موعظة وعبرة. ولكن يظل الإشكال: عظة وعبرة لمن؛ للذات أو للآخر؟ فإن كان للذات فهذا هو التعلم عن طريق المحاولة والخطأ فالحياة امتحان، وإن كان للآخر فلماذا تكون آلام البعض عظة للآخرين فيستفيد الآخر على حساب الذات؟ يمكن ذلك ضمن تجارب البشر الجماعية التي يكون الإنسان جزءا منها وليس مجرد متفرج على مآسي الآخرين. المهم أن تكون العبرة للبشر، للذات أو للآخر، وليس تبريرا للآلام في العالم دفاعا عن إرادة مشخصة ضد وجود الإنسان وحياته وحقه في أن يؤسسها على الحرية والعقل.
11 (2) هل هناك آلام بلا عوض؟
فإذا لم تكن الآلام عن استحقاق فإنها تكون ضرورة بالعوض. فالله لا يتفضل بالآلام ولا يبدأ الشر. الآلام نتيجة للأفعال وليست مقدمة لها. ولماذا لا يجوز العوض على مالك كل شيء؟ بل إن ذلك أوفى للعوض. فالمالك لكل شيء قادر على البذل والاستبدال في ملكه. وهل مالك كل شيء حر التصرف في ملكه دون قانون؟ وهل من سمات الملك الإضرار بالمملوك أم نفعه؟ إن وجوب العوض في العالم ليس تقييدا للقدرة المشخصة بقدر ما هو فهم للعالم وإحكام لوقائعه، بل إن الشريعة نفسها تقوم على العوض. فالتائب الذي أقيم عليه الحد له عوض عند الله إن لم يكن له عوض عند الإمام. وعلى هذا النحو يتصل التوحيد بالفقه، والعقيدة بالشريعة، وتعود إلى علم الأصول وحدته، أصول الدين وأصول الفقه. ولا يرجع العوض إلى التفضل ابتداء، بل إلى معنى وحكمة، وهو رضاء النفس وثقتها بالفعل وتصديقها لقوانين العدل والاستحقاق. فكما لا تقع الآلام ابتداء فكذلك لا تقع الأعواض ابتداء.
12
ولا تفعل الآلام من أجل العوض ابتداء لأن الآلام نتيجة الفعل والجهد وليس وسيلة للحصول على العوض. وإلا كان الإنسان كمن يسبب الألم لنفسه أو يقطع أصبعه أو يده ابتداء بلا مبرر كي يحصل على العوض. فالآلام نتيجة الأفعال والتعويض عنها تأكيد على الأفعال. فكل شيء له معنى ولا يوجد عوض كمجرد تعويض قانوني صوري عن خسارة مادية بلا فعل أو جهد.
13
لا يعني التعويض تبادل منافع أو إيجاد ميزان بين مكسب وخسارة، بل يعني التخلي عن لذة في سبيل سعادة أو عن نفع أقل في سبيل نفع أكثر. لا يعني العوض مساواة كمية بين مقدار الألم ومقدار العوض من حاسب ماهر يملك كل شيء ويقدر على كل شيء، بل العوض هو النتيجة الإيجابية للألم إما لبذل الجهد من جديد أو لتعميق الوعي أو لمعرفة الأخطار أو لكسب الزمان.
14
يثبت العوض إذن عن الآلام إن غاب الاستحقاق حتى يستطيع الإنسان أن يعيش في عالم يحكمه القانون ويدركه العقل دفاعا عن حقوقه ضد مظاهر الظلم والطغيان. تقع الآلام إما للنفس أو للغير. وتكون حسنة إذا كانت عن استحقاق أو عوض، وقبيحة إن لم تكن عن استحقاق أو عوض. في الحالة الأولى يكون العدل، وفي الثانية يكون الظلم.
نامعلوم صفحہ