189

عقیدہ سے انقلاب تک (3): انصاف

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

اصناف

ولا يجوز الخلق ثم تخلية العباد بلا تكليف.

10

ولا يعني قول الكل بخلق الله وإرادته التكليف؛ فالتكليف جوهر الخلق، والخلق مرتكز على التكليف. الخلق مجرد إشارة إلى معنى، ودليل إلى مدلول. وما دام كل معلوم موجودا فالتكليف هو السبيل لتحقيق العمل وتحويله إلى موجود. وفي التكليف لا يستوي الفعلان؛ لأن حرية استواء الطرفين غير موجودة؛ نظرا لوجود البواعث. وترجيح فعل على آخر لا يمنع التكليف بل يؤكد حرية الاختيار وقدرة العقل على التمييز؛ لذلك يوجد تفاوت في الأفعال بين المثال والواقع أو بين العزيمة والرخصة كما يقول الأصوليون. ولذلك أيضا كان موضوع الإيمان والعمل من موضوعات علم أصول الدين، وقد يكون التكليف أحد أسباب الترجيح عن طريق الفكرة الموجهة للفعل. لا يقع التكليف مع الفعل أو قبله، فتلك هي الاستطاعة. التكليف مقرون بالخلق. بمجرد الخلق يحدث التكليف؛ فالخلق تكليف. ليست القضية حجة عقلية ووقوعا في تناقض منطقي، بل القضية تأسيس مشروع إنساني وجودي فعلي يشكل العقل فيه أحد الوسائل لتحقيق المشروع ولا يشكل نقيضا له. الغرض من التكليف إظهار الحرية والعقل، فالخلق مشروع خلق، والوجود مشروع إيجاد. والتكليف هو هذا النداء للخلق من أجل ممارسة الحرية وإعمال العقل.

11

ومن ثم كانت بعثة الرسل واجبة من أجل التكليف لعامة الناس.

12

وإن أكثر حجج نفي التكليف مستمدة من الجبرية، مما يدل على أن التكليف مرتبط بحرية أفعال الإنسان. وإن كان الجبر نفيا للتكليف فذلك لأن الله هو الذي يقوم بكل شيء، وبالخلق وبالتكليف وكأن الإنسان لا هدف له ولا غاية، مجرد موجود كوني كالأرض والنبات والحيوان والأفلاك، مجرد زينة، وجود كغيره من الموجودات، لا ميزة له ولا فضيلة. وإذا ما أثبتت الجبرية جواز التكليف فإنها تمنع من بيان صفته. وهذا إنكار للعقل وقدرته على فهم الوحي. فالجبر إلغاء لحرية الأفعال ولقدرة العقل في آن واحد. والمثل المشهور في تكليف أبي جهل وأبي لهب بالإيمان وهو معلوم أنه سيكفر؛ وبالتالي يبطل التكليف بنفي حرية الأفعال أساسا ويجعل أفعال الإنسان كلها اضطرارية.

13

إن تكليف أبي لهب كان لكونه مختارا. والإخبار عنه بأنه لا يؤمن نتيجة للعلم وليس للإرادة. ولو حدث على خلاف العلم فليس ذلك انقلاب العلم جهلا أو الجهل علما، بل لأن هناك حرية إرادة إنسانية داخل الإرادة الإلهية وليس داخل العلم الإلهي. بالإضافة إلى أن علم الله علم تجريبي يحدث بعد الوقائع. والحياة امتحان؛ ليعلم الله الفرق بين العاملين والمثبطين. والنسخ دليل على هذا الطابع البعدي للعلم الإلهي. ولما كان العبث على الله محالا، فالعبث هو فعل ما لا فائدة منه وما لا عقل فيه، فيستحيل تكليف أبي جهل بالإيمان وهو يعلم أنه يكفر ويجبره على الكفر.

ليس الهدف من التكليف النعيم والثواب، بل أداء الرسالة وإظهار إمكانيات الوجود الإنساني في ممارسة الحرية وإعمال العقل.

نامعلوم صفحہ