فأجاب: لا كراهية في المشي في المسجد بالنعل الذي يمشي بها في المسجد إذا تحقق لأنه لا نجاسة فيها. فإن تحقق فيها نجاسة حرم المشي بها في المسجد إن كانت النجاسة رطبة, أو مشى بها على موضع رطب في المسجد, وكانا جافين ولكن ينفصل بالمشي من تلك النجاسات شيء فيقع في المسجد. ففي هذه الأحوال يحرم المشي بها في المسجد. وإن انتقت الرطوبة من الجاننبين ولم ينفصل من النجاسة شيء في المسجد ففي هذه لا يحرم المشي بها في المسجد. وفي الكراهة نظر, لأن القول بها يحتاج إلى دليل, ولا يجوز القول بالهجوم. والمسجد وإن كانت له حرمة لكن قد يقال إن ذلك لا ينافي احترامه, ثم قال والدي رحمه الله في شرح الترمذي: اختلف نظر الصحابة والتابعين في لباس النعال في الصلاة هل هو مستحب أو مباح أو مكروه, ثم قال: والذي يترجح التسوية بين اللبس والنزع, ما لم تكن بها نجاسة محققة أو مظنونة.
قلت: قال في إكمال الإكمال عند قوله كان صلى الله عليه وسلم يصلي بالنعل ظاهره التكرار, ولا يؤخذ منه الصلاة في النعل, وإن كان الأصل التأسي, لأن تحفظه صلى الله عليه وسلم لا يلحقه غيره. وهذا حتى في غيره, فإن الناس تختلف أحوالهم في ذلك, فرب رجل لا يكثر المشي في الأزقة والشوارع, وإن مشى فلا يمشي في كل الشوارع التي هي مظنة النجاسة. وإنما يؤخذ جواز الصلاة فيها من فعل الصحابة رضي الله عنهم, منضما إلى إقراره صلى الله عليه وسلم لهم. ثم أنه وإن كان فلا ينبغي أن
[22/1] يفعل لا سيما في المساجد الجامعة, فإنه قد يؤدي إلى مفسدة أعظم, كما اتفق في رجل يسمى هداجا من اكابر أعراب إفريقية, دخل المسجد الجامع الأعظم بتونس بأخفافه, فزجر عن ذلك فقال: دخلت بها والله كذلك على السلاطين, فاستعظم ذلك العامة منه وقاموا عليه وأفضت الحال في قتله, فأيضا فإنه يؤذي إلى ان يفعله من العوام من لا يحتفظ في المشي بنعله, بل لا يدخل المسجد بالنعل مخلوعا ألا وهو في كن يحفظه انتهى.
صفحہ 21