وقد قال ﷺ للأعمى الذي استرخصه في التأخر عن الجماعة فقال: أتجد لي رخصة يا رسول الله، فإن الوادي يسيل بيني وبين المسجد أحيانا، فقال رسول الله ﷺ: "أتسمع النداء فقال: لا" ١.
وقال رسول الله ﷺ: "لو صليتم في بيوتكم لضللتم" ٢.
وقال رسول الله ﷺ: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" ٣.
وهذا٤ الحديثان يفيدان وظاهرهما الأمر بالجماعة والاتصال في المسجد.
وأما معنى الإجماع: فهو أن المأموم إذا وقف على فرسخ٥ أو فرسخين: لم يصح اقتداؤه بالإمام، وإذا وقف على مكان قريب منه، صح اقتداؤه.
ولابد، من الرجوع إلى حد واحد يعرف ذلك في العادة اتصالا، فرجعنا إلى ما قدر الشافعي ﵁ أو لو صرنا إلى ما ذكره عطاء لكنا جوزنا الاقتداء حيث لا يعرف في العادة اتصالا، وهو أن يقف في بيت، والباب مغلق، والدار محيطة بالبيت، بعيدة عن المسجد، على ميل أو أكثر، وهو يسمع في البيت صوت المترجم، فيركع ويسجد بصوته، وهذا ليس من الاتصال في شيء.
_________
١- أخرجه الإمام البخاري (٤٢٥) ومسلم (١/٤٥٥) من حديث عتبان بن مالك أنه أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، قد أنكر بصري وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله أنك فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى قال فقال رسول الله ﷺ: "سأفعل إن شاء الله".
وأما قوله ﷺ: "أتسمع النداء". فليس من حديث عتبان بن مالك، وإنما أخرجه مسلم (٦٥٣) من حديث أبي هريرة.
٢- أخرجه مسلم (٦٥٤) من قول ابن مسعود موقوفا عليه: "من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حين ينادى بهن، فإن لله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم".
٣- أخرجه الداقطني (١/٤١٩-٤٢٠) والبيهقي (٣/٥٧) وقال: وهو ضعيف.
وقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص" (٢/٣٢): مشهور بين الناس وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت، أخرجه الداقطني عن جابر وأبي هريرة، وفي الباب: عن علي وهو ضعيف أيضا.
٤- كذا بالأصل: "هذا" والصواب: "هذان".
٥- الفرسخ: بفتح فسكون لفظ معرب، جمع فراسخ، مقياس من مقاييس المسافات، مقداره ثلاثة أميال= إثنا عشر ألف ذراع= ٥٥٤٤ مترا "معجم لغة الفقهاء" (ص٣٤٣) .
1 / 35