الفصل السادس: في السفن والساحل
إذا كان الإمام في السفينة، والمأموم في سفينة أخرى، وكانوا١ مرسيتين٢ أو كانوا تجريان بريح رخاء –هذا لفظ الشافعي-: صح الإقتداء.
لأنهما إذا كانتا مرسيتين: كانت السفينتان على وجه الماء بمنزلة السريرين على البر، يقف الإمام على أحدهما٣ والمأموم على الأخرى.
وإن كانتا مجريتين بريح لينة غير عاصفة، فكذلك.
ومن شرط هذا الإقتداء: أن يكون المأموم عالما في السفينة بصلاة الإمام في سفينته، وإنما يكون عالما: إذا كانت السفينتان مكشوفتين أو مسقفتين ولكنهما كانا على سطح السفينتين.
وإنما اشترط الشافعي أن يكون الريح رخاء لينة، لئلا تتقدم سفينة المأموم سفينة الإمام، لأن الريح إذا اشتد عصفها، وكانت سفينة المأموم أخف: لم يؤمن أن تتقدم على سفينة الإمام، ولهذا: اشترط القاضي أبو سعيد الأصبهاني أن تكون سفينة المأموم مربوطة بسفينة الإمام، وإذا جاز الإقتداء في هذه الحالة: فكذلك إذا كانت أحدهما٤ على الساحل والأخرى على الماء كان الاقتداء صحيحا.
فإن قيل: هكذا جعلتم ماء البحر بين السفينتين قاطعا، والمعلوم أن المأموم لا يقدر أن يتوصل إلى موقف الإمام وماء البحر (...) ٥ الحيلولة أبلغ من النهر الواسع الكبير.
قلت: الماء في البحر منزولا منزلة قرار الأرض في البحر في الاتصال والانفصال.
_________
١- كذا بالأصل والصواب بالمثنى "كانتا".
٢- رست السفينة: بلغ أسفلها القعر وانتهى إلى قرار الماء فثبتت وبقيت لا تسير.
انظر "لسان العرب" مادة "رسى".
٣- كذا بالأصل: "أحدهما" والصواب: "إحداهما".
٤- كذا ب "الأصل"، والصواب " إحداهما".
٥- في الأصل مطموسة ولعلها: "في".
1 / 30