قيل له : إن الفرجة خلق. فمن زعم أن الله ملاق لتلك الفرجة، فقد كفر، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (¬1) .
[ هل يوصف الله بالحدود والأقطار ]
فإن قيل لك : أتصف الله بالحدود والأقطار ؟
فقل : لا يوصف الله بالحدود ولا بالأقطار لأن هذه (¬2) أعداد كثيرة وأجزاء (¬3) متفاضلة، وقليلها أضعف من كثيرها، ومن كان كذلك فهو مخلوق (¬4) .
فإن قيل لك : فهو إذا منبسط ذاهب في جميع الجهات؟
¬__________
(¬1) - لأن الفرجة تقتضي التحديد ، كما تقتضيه الملاقاة والمماسة . فهذا كله من صفات الجسم . والجسم قد بان بالتحيز عن سائره . وأما سؤال السائل عن الفرجة بين الله وبين خلقه فهو منه مغالطة ، أو ليست الفرجة نفسها شيئا من الأشياء ؟ ففي جواب المجيب أن الله لا تجوز عليه ملاقاة الأشياء ، إبطال عن الله أن يلاقيه شيء فرجة أو غير فرجة .ألا تسمعه يقول : إن الفرجة خلق ، والفرجة هي الهواء الحائل بين الأجسام المتكاثفة ، والهواء أيضا جسم ليس بينه وبين الأجسام إلا الرقية والكثافة، إذ الهواء ورقته ، وخفته ، مع سائر = =الأجسام ما يبطل عنه أن يكون جسما بعد أن يكون متحيزا مسدسا منصفا مصرفا غير عار من الأعراض ، ولا خال منها ، والهواء والجو والفضاء معناهم واحد .
(¬2) - في الشرح : لأنها، ص353.
(¬3) - في المتن : وأخرى.
(¬4) - وهذا أيضا من صفات الأجسام لأن الواصف لله - عز وجل - وجل بأنه جسم من الأجسام فهو واصف له بالحدود والأقطار . كما أن الواصف له بالحدود والأقطار، فهو واصف له بأنه جسم من الأجسام . ولذلك قال صاحب الكتاب : أعداد كثيرة وأجزاء متفاضلة ، والمحدود بالأقطار لا يكون إلا متحيزا . فإذا كان متحيزا فهو جسم من الأجسام . وإذا كان كذلك كان مخلوقا .
صفحہ 83