فقل : نعم هو المقدر لها والصانع لها. ولا يغيب الصانع عن صنعته (¬1) .
فلو قال : أخبرني حيث انقطعت الأشياء هل يوصف الله أنه ثم، أم مضى عنها ؟
فقل لا يجوز مضى ولا بقى، وإنما يجوز ذلك/[13] على من يجري عليه العرض، والطول، والحدود، والأقطار، والله لا يوصف بالعرض ولا بالطول (¬2) .
فإن قيل لك: أربك عالم بجميع الأشياء ؟
فقل : نعم فإن قال : محيط بما علم ؟
فقل : نعم.
فإن قال : عالم بإياه أم جاهل بإياه ؟
¬__________
(¬1) - وهذا الجواب مأخوذ من قوله - عز وجل - : (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) (الملك:14) أراد أن يدل عباده على أنه عالم بجميع الأشياء إذ هو خالق لها ، وكذلك جواب صاحب الكتاب ، ثم أكد ذلك بقوله : ولا يغيب الصانع عن صنعته ، يريد أنه مشاهد لكل ذلك لقوله - عز وجل - : (( وما كنا غائبين )) ( الأعراف:7) .
(¬2) - هذا السؤال، سؤال متعنت لا سؤال مستفيد ، لأن قوله : حيث انقطعت الأشياء هو ما ليس بمكان ، ولا خلق ، ولا شيء من الأشياء . وهذا السؤال من سؤال المشبهة حين سألوا فقالوا: أليس الله - عز وجل - موجودا في الأشياء ؟ فيقال : نعم ، فقالوا : أوليست الأشياء محدودة ؟ فيقال لهم : نعم ، فقالوا : لم لا كان الله - عز وجل - محدودا لكونه ووجوده في الأشياء المحدودة حين هو غير مجاوز لها ؟ ثم أكدوا العلة بأن زعموا فقالوا: لو جاز أن يكون غير محدود في محدود لجاز أن يكون محدود في غير محدود . فيقال لهم: هيهات ، قد غاب عنكم المعنى في القول بأن الله في السماوات وفي الأرض ،وعند كل نجوى وأنه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد ، وجعلتم ذلك كله على معنى التمكن والاحتياز تعالى الله عن مقالتهم . والمراد بذلك كله أن وجود الله في الخلق على المشاهدة للخلق = =والعلم به والإحداث له والزيادة فيه، والنقصان منه ، والحفظ لجميعه ، وليس يغيب كل صانع عن صنعته .
صفحہ 39