وهذا الذي أراد أن يجتهد مع فقد شرط الاجتهاد، وشرط عمله كما سبق، أضاف إلى ذلك، أن استدل بالمصلحة استدلالا أخرجه إلى مخالفة أصول الشريعة، وقد تقدم أن ما أخرج إلى خلاف الأصول فهو باطل، ثم نسبه هذا إلى مالك خطأ بنص الامام.
ثم هذا الاجتهاد أخرج إلى شيء لم يقل به أحد، ولم يوجد مثله على تطاول الاعصار، ولم يوجد في أقوال الصحابة. ومالك على ما قاله الامام، انما جاء بما جاء منها اتباعا لأقوالهم رضي الله عنهم، وهذا الاستدلال مخالف لأقوال الصحابة ومن بعدهم هذه النوازل من الجراح، والقتل، والزنا، والحرابة، والغضب، ومافيه من الكتاب والسنة حدا وعقوبة من مبدأ الإسلام إلى اليوم ثمانمائة سنة وثمان وعشرون(¬1)سنة ونيف، فلم يسمع بهذا القول مع تكرر هذه الوقائع.
فهذه فتوى بديعة، خارجة خروجا كليا عن النصوص والاجماع والاصول من الشريعة، هذا امام الحرمين في كتبه، والفخر بن الطيب في محصوله وغيرهم خطأوا من أفتى الملك الذي أفطر عمدا في رمضان بالصيام، لمخالفته الحكم، واعتذاره بأنه لو أفتاه بالعتق والاطعام، لكان ذلك ذاعية لاستحقاره ذلك في قضاء شهوته، فقالوا: هذه فتوى باطلة، لانها على خلاف حكم الله، لمصلحة تخيلها الانسام بحسب رأيه، وان كان القاضي بن العربي أجاب بابن إمام الحرمين خفي عنه مذهب مالك أن كفارة الافطار على التخيير.
فإن كان هذا المفتى مالكيا، لم يخالف حكما. وأنت ترى أن كلام الجميع يقتضي أن كل اجتهاد بالمصلحة أدى إلى اعتبار ألغاه الشرع، أو إلى خلاف ما حكم به، فهو باطل.
صفحہ 144