الثامن: إن إمام الحرمين اضطرب في نقله. وهذا نصه في البرهان، قال: إذا وجدنا أصلا واستنبطنا منه معنى مناسبا لحكم، فيكفي، والحالة هذه(¬1)فيه أن لا يناقضه أصل من أصول الشريعة. فيكفي في الضبط فيه استناده إلى اصل متفق على الحكم فيه. ومرجوعنا في ذلك إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسترسلين(¬2)في استنباط المصالح من أصول الشريعة، ثم ترقى كلامه إلى أن قال: ولايجوز التعلق به في كل مصلحة عندنا، ولم يرد ذلك أحد من العلماء، ومن ظن ذلك بمالك رضي الله عنه فقد أخطأ، فإنه قد اتخذ اقضية الصحابة وشبه بها مأخذ الوقائع(¬3). فمال فيما قال إلى فتاويهم وأقضيتهم، فإذا لم ير الاسترسال في المصالح، وهذا كبنائه قواعد على سيرة عمر رضي الله عنه في أخذه شطر مال خالد وعمرو، وقدر ذلك تأديبا له. وهذا زلل، فإنه لا يمتنع أنه رآهما أنهما (آخذان)(¬4). من مال الله تعالى ما لا يستحقان أخذه على ظن وحسبان، فكان يراعي طبقات الرعية بالعين الكالئة، فاللائق بشهامته وإيالته، أن نظره الثاقب كان بالمرصاد، وكانوا مولين(¬5)على مال الله، فمتى أمكن ذلك، وهو الظاهر، فحمله على التأديب لاوجه له، ولو صح عنه أنه أخذ مال رجل غير متصرف في مال الله لكان يظهر (23=195/ب) ما تخيله مالك.
وكذلك كل واقعة ربط مالك أصلا من أصوله بها، فإنه لايراه استحداث أمر، وهو عند الباحثين ينعطف على أبلغ وجه إلى قواعد الشريعة.
صفحہ 142