ومن المعلوم ما عليه حكام الزمان من أخذ المال من العصاة وإعطائهم الامان. ولقد سمعت (21=194/ب) أمير المؤمنين أيده الله يحكي أنهم مروا بشيخ معه ماشية كثيرة فسألوه، فقال: والله مالي بها من حاجة، إلا أن لي أولادا يفعلون ويصنعون، فأنا في نماء هذه الماشية لنؤدي عنهم من الخطايا مابه يطلبون.
الوجه الرابع:(¬1)نص شهاب الدين القرافي، وهي قاعدة أصولية، أن مالكا رحمه الله اشترط في الاخذ بالمصلحة أهلية الاجتهاد، ليكون الناظر مكتفيا بأخلاق الشريعة فينبو طبعه وعقله عما يخالفها(¬2). بخلاف العالم بالسياسيات، إذا لم يكن كذلك، فإنه يهجم على مخالفة أصل الشريعة من غير شعور. ورتبة الاجتهاد ما في أشياخه وأشياخ أشياخه من يدعيها، وشروطها مفقودة منه قطعا.
سلمنا جدلا أن المسألة اجتهادية، وان المتكلم فيها عن أهل الاجتهاد، قوله: مصلحة مرسلة باطل، لأن المرسل ما لم يشهد الشرع بإلغائه. والمرسل عند ابن الحاجب ما لم يعتبره الشرع ثم منه غريب وملغى، وكلاهما مردود باتفاق(¬3)والغريب هو ما لم يعتبر جنسه البعيد في جنس الحكم، فان اعتبر كان ملائما، كحرمة قليل الخمر بكثيره، لعلة أن قليله يدعو إلى كثيره.
وهذا وان لم يكن جنسه القريب، فقد اعتبر في تحريم الخلوة بالأجنبية، لأنه داعية اليه. لهذا اتفق الجمهور على المقيس بدليل، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وذكر عن مالك(¬4)وانكره أصحاب مالك عنه، والمختار رده من الشيرازي(¬5).
والشرع زاد على الإلغاء في هذا الموضع بان رحم أخذ المال بالباطل، حتى على وجه الأخذ بالعقوبة. ولا معنى للإطالة في هذا، وقد سبق ما يكفي. فان النهي والتحريم منصوص ومجمع عليه، قد تقدم كثير منه فراجعه.
صفحہ 137