فإن قلت : إنما وجود ما يعاقب به هؤلاء الجناة في الكتاب والسنة فقطعي، وأما تناول هذه العمومات في تحريم الظلم وأكل المال بالباطل لهذه المسائل فمعلوم، ولاشك في حرمة تبديل الحد الزيادة عليه، ولا في عدم مشروعية شيء من الظلم، لأن الرب سبحانه قدس نفسه عنه، وهو محال عليه، وأن هذه العمومات لاتقبل التخصيص بإغرام الجناة الأموال، ولادليل شرعا يخصص به، لكن هل هناك ما يدل على التنصيص على نفس العقوبة (15= 191/ب) بالمال في هذه الحدود أو في غيرها مما ثبت ولم يثبت، ووصل إلى حد التهمة أو لم يصل؟ فإن مثل هذا أردع للمعائد وأبين عند الغي.
قلت: نعم، أجمعت الأمة، ودلت دلائل الكتاب والسنة، أن الكفر بعد الإسلام أكبر ما يرتكبه المسلم، وانعقد إجماع الأمة على أن من ارتد لايوخذ ماله، ولايوضع في بيت المال ولا غيره، ولا يزول ملكه عنه، إلى أن يموت بمنيته أو يقتل على ردته. قال ابن المنذر في كتاب الأشراف: "أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن المرتد لايزول ملكه عنه لارتداده، وانه إذا راجع الاسلام يرد اليه"(¬1). وإذا كان المرتد لايخرج ملكه عنه بإجماع الأمة، فكيف يحل لأحد أن يقول: أن أخذ المال من العصاة والجناة ينبغي أن يجري على المصالح المرسلة فيعارض الإجماع، لأنه انعقد الإجماع على أن أكبر الجنايات لا يبيح المال، فكيف بما دون ذلك.
فإن قلت: لاشك في الأحروية، وانه يلزم من الاجماع على عدم نزع المال في الكفر بالاجماع على ما دونه من باب أحرى. فهل ثم نص معين فيما دون الكفر ليحفظ، والا فقد حصل الاكتفاء وأتيت بالغاية من الشفاء.
قلت: نعم، أكبر الجنايات بعد الكفر: القتل والحرابة والفساد في الأرض والخروج على أئمة العدل والبغي عليهم.
فان قلت: فقد نقل غيره الخلاف في مال المرتد، وأنه لا يعود إلبه بعد الوقف، ولو راجع الإسلام.
صفحہ 120