ومملي هذه الفتوى، القائل أن ما يعاقب به الجناة من القاتلين والقاطعين والسراق والزناة، لو وقف عندما جاء في الكتاب والسنة، وأجمعت عليه الأمة، ورتبه في طريق الاجتهاد الأئمة، لعرض هذه النازلة التي سئل عنها، وهي ما يعاقب به القاتلون والجارحون والمحاربون والسراق والزناة وغيرهم وعلى كتاب الله، لوجد ما يعاقبون به مبينا في كتاب الله، يعرفه الصبيان، وكل من سمع القرآن وعرف الأديان. ولو عرض هذه المسائل على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوجدها على أكمل وجه وأتمه بيانا، ولو عرضها على الإجماع الواجب الاتباع، لوجده أجلى من الشمس، لا يخفى إلا على من ليس له حس . لو عرضها على آخره مرتبة الأدلة، وهي البراءة الأصلية، لتخلص وخلص من هذه البلية. وعندما يجد ما يعاقب به الجاني على هذا الوجه، فيجب عليه الجواب. ثم ينظر في استبدال هذه الحدود بالمال أو زيادة المال عليها، فيجده أيضا منهيا عنه في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وتدل عليه البراءة الأصلية. فإن كل نهي أو وعيد أوعذاب متعلقه الظلم وأكل المال بالباطل وصريحات النهي المؤكد تحريمه إلى الغاية القصوى، كما قال عليه الصلاة والسلام في خطبة يوم الحج الأكبر في حجة الوداع: "أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا هل بلغت، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم أشهد على ذلك"(¬1).
والحاصل أن تحريم أكل المال بالباطل والظلم معلوم في الرؤساء بالضرورة، والاستدلال على الضروريات يزيدها غموضا.
صفحہ 119