فاللطيفة التي نشير إليها، وفائدة نقل الحديث عليها، وهو أنه لم يبق إلا ما ينتظر من اتباع بني اسرائيل، بل هذا هو الغاية والنهاية. نسأل الله سبحانه النجاة والوقاية. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم جعل أتباعهم في دخول جحر الضب غاية الاتباع، ولا لما قضى الله من واق، وما عنه من دفاع. غير أنا الآن لسنا في مقام التكفير بإحلال المحرم، وإنما المقصود من هذا بيان قيام القاطع المانع من أخذ المال في جميع وجوه الجنايات، كيفما تصرفت وتنوعت، حتى يتبين أن هذا ليس هو بموضع الاجتهاد البتة، لأنه لا يصح الاجتهاد مع النص. ومن الاجتهاد المعارض للنص، ما حكاه الله عن أكل الربا في قوله : "الذين يأكلون الربا لايقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا(¬1). فقاسوه عليه، والجامع بينهما ظاهر، وهو أن كل واحد منهما عقد معاوضة عن تراض، وهذا وصف مناسب ملائم أو مؤثر، وقد علق سبحانه به الحلية فقال: "إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"(¬2)، فذمهم تعالى وتوعدهم بقوله: "لايقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس"220 وعلل ذلك الذم العظيم والعذاب الأليم بقوله: "إنما البيع مثل الربا"220، وبين أن جهة الذم والوعيد الاجتهاد عند وجود النص بقوله: "وأحل الله البيع وحرم الربا"220، يعني قد حرمت الربا، فما لكم تجتهدون وتستنبطون حليته بالاجتهاد بعدما سمعتم تحريمه. فكذلك يقول سبحانه لمن أراد أن يجتهد حتى يستنبط حلية شيء من أخذ المال بالباطل: قد حرمت عليكم أكل المال بالباطل، فكيف يسوغ لكم الاستنباط والاجتهاد لتحللوا ما حرمت عليكم؟.
صفحہ 110