215

قالت إيزابيل: «سأجلس هنا وحدي، إذن»، وضحك لورنس. «إن جلوس زوجتي بمفردها متعتها الكبرى.»

إذا كان الأمر كذلك - وربما يكون كذلك حقيقة؛ لأنها لم تكن خائفة، أو ربما كانت خائفة على نحو غامض، لكنها كانت مستمتعة جدا بفكرة تركها وحدها - لما كان هذا بالتأكيد في صالحها. جلست هنا ورأت يومها في صورة صعوبات جرى تخطيها؛ الدجاج بالخمر معد خلف الموقد، والكعكة التي وصلت المنزل بسلام، والخمر والطماطم اللذان جرى شراؤهما، وعيد الميلاد الذي يسير حتى الآن دون أي أخطاء حقيقية أو صدامات أو إحباطات. لم يتبق سوى العودة إلى المنزل، العشاء. ثم غدا سيذهب لورنس إلى أوتاوا ويظل هناك طوال اليوم، ثم يعود في المساء. كان من المفترض أن يكون موجودا معهم يوم الأربعاء لمشاهدة لحظات أول هبوط على القمر.

ليس في صالحها كثيرا أن تمضي في حياتها تفكر؛ حسنا، جميل، انتهى الأمر الآن، انتهى ذلك. إلام كانت تتطلع؟ وأي مكافأة كانت تأمل في أن تحصل عليها، عندما ينتهي هذا، وهذا، وهذا؟

الحرية؛ أو ليست حتى الحرية. الفراغ، انقضاء الانتباه. بدا طول الوقت أن عليها أن تقدم أكثر قليلا - من ناحية الانتباه والحماس واليقظة - مما كانت تشعر أنها تستطيع. كانت تجاهد، آملة ألا يكتشف أحد طبيعتها. يكتشف أنها باردة وقاسية القلب مثل تلك النوردية القديمة، صوفي.

في بعض الأحيان كانت تعتقد أنه أتي بها إلى المنزل، في المقام الأول، كنوع من التحدي المعقد لصوفي. كان لورنس يحبها منذ البداية، لكن حبه كان له علاقة بالتحدي. كانت ثمة أشياء متناقضة جدا بها؛ مظهرها اللافت غير المحتشم، وأسلوبها الفظ غير المهذب (لم تكن تمتلك أدنى فكرة في ذلك الوقت إلى أي درجة هي لافتة للانتباه وغير محتشمة، ويتسم سلوكها بالفظاظة وعدم التهذيب)، درجاتها المرتفعة واعتمادها الساذج عليها باعتبارها دليلا على الذكاء؛ كل هذه الدلائل على كونها أذكى طالبة من مدرسة ثانوية لأبناء الطبقة العاملة، فخر عائلة غير طموحة.

قال لورنس مخاطبا صوفي في وجود إيزابيل: «ليست هذه الكلية المفضلة لديك، أليس كذلك يا أمي؟» قيد في الكلية الوحيدة بالجامعة التي كانت صوفي تكرهها، وهي كلية إدارة الأعمال.

لم تقل صوفي شيئا، لكنها ابتسمت مباشرة في وجه إيزابيل. لم تكن الابتسامة غير ودودة، ولم تكن باعثة على الازدراء من لورنس - بدت صبورة - لكنها كانت تشي في وضوح قائلة: «هل أنت مستعد، هل مستعد للاستمرار في هذا؟» فهمت إيزابيل، التي كانت تصب تركيزها آنذاك على إعجابها بمظهر لورنس الطيب وذكائه وعقله وخبرته المأمولة في الحياة، ما كان يعنيه هذا. كان هذا يعني أن لورنس الذي كانت قد كرست نفسها لحبه (إذ إنها، على الرغم من مظهرها وأسلوبها، كانت فتاة جادة، لا تجربة لها، تعتقد في الحب الذي يدوم مدى الحياة ولم تستطع أن تتصور أن تدخل في علاقة على أي أساس آخر) يجب دعمه، ودفعه للأمام، من خلال الجهود المبذولة المستمرة والحاذقة من جانبها، من خلال إعادة الثقة والإدارة الجيدة؛ كان يعتمد عليها في أن تجعل منه رجلا. لم يعجبها أن تلفت صوفي انتباهها لهذا، ولم تدع ذلك يؤثر بأي حال من الأحوال على قرارها. هذا هو ما كان طبيعة الحب، أو ما كانت طبيعة الحياة، وكانت تريد أن تشرع في هذا. كانت وحيدة، على الرغم من أنها كانت تظن نفسها منعزلة. كانت الطفلة الوحيدة في زواج أمها الثاني؛ كانت أمها ميتة، وكان إخوتها وأخواتها غير الأشقاء أكبر كثيرا منها، ومتزوجين. كانت سمعة تحوطها في العائلة ظانين أنها مميزة. لا تزال لها هذه السمعة، ومنذ زواجها بلورنس نادرا ما كانت ترى أقاربها.

قرأت كثيرا، وكانت تخضع لنظم غذائية وتمارس تمارين رياضية في جدية شديدة، وصارت طاهية ماهرة. في الحفلات، كانت تداعب الرجال الذين لم يكونوا يطاردونها في إصرار. (لاحظت أن لورنس كان يشعر بالإحباط إذا لم تثر زوبعة بسيطة.) في بعض الأحيان، كانت تتخيل نفسها مسيطرا عليها من قبل هؤلاء الرجال أو آخرين، طرفا في علاقات غاية في الاندفاع، والابتكار، والحيوية. في بعض الأحيان كانت تتذكر طفولتها في توق بدا شاذا، وكان يجب الإبقاء على ذلك سرا. ربما تذكرها مظلة مرتخية أمام متجر على ناصية شارع، رائحة وجبات الغذاء الثقيلة على المعدة التي يجري طهيها في فترة ما بعد الظهيرة، القمامة المتناثرة والأرض العارية حول جذور شجرة ظل كبيرة في المدينة. •••

عندما هبطت الطائرة، نهضت وذهبت للقائهم، وقبلت لورنس كما لو كان قد عاد من سفر. بدا سعيدا. حدثت نفسها بأنها نادرا ما كانت تشغل بالها بسعادة لورنس. كانت تريد أن يكون في مزاج طيب، بحيث تسير الأمور في سلاسة، لكن ذلك لم يكن الأمر نفسه.

قال لورنس: «كانت تجربة رائعة ... كان يمكن رؤية تغير المناظر الطبيعية في وضوح بالغ.» بدأ يحكي لها عن البحيرة المتلألئة.

نامعلوم صفحہ