أطلق صافرة مرة أخرى، لكن على نحو مختلف. «ماذا تعنين؟ هل ألقت بشيك في النار؟» «لا، لا. كانت أوراقا نقدية. فعلت ذلك عمدا. ذهبت إلى البنك بالبلدة وجعلتهم يعطونها المبلغ كله، في صندوق أحذية. عادت بالمبلغ إلى المنزل ووضعته في الموقد. كانت تضع مجموعة من الأوراق النقدية على دفعات، حتى لا تصنع لهبا كبيرا. وقف أبي وظل يراقبها.»
سأل بوب ماركس قائلا: «عم تتحدثين؟ كنت أظن أنكم فقراء جدا.» «كنا كذلك. كنا فقراء جدا.» «إذن، كيف كانت تمتلك ثلاثة آلاف دولار؟ يساوي ذلك ثلاثين ألف دولار اليوم. دون شك. أكثر من ثلاثين ألفا اليوم.»
قلت: «كان هذا ميراثها كان ذلك ما حصلت عليه من أبيها. مات أبوها في سياتل وترك لها ثلاثة آلاف دولار، وأحرقتها لأنها كانت تكرهه. لم تكن تريد ماله. كانت تكرهه.»
قال بوب ماركس: «هذه كراهية متناهية.» «ليست هذه هي المسألة. ليس كراهيتها له، أو ما إذا كان سيئا بما يكفي بحيث يكون لها الحق في كراهيته. على الأرجح لم يكن كذلك. ليست هذه هي المسألة.»
قال: «المال. المال هو جوهر الأشياء دوما.» «لا. كان ترك أبي لها القيام بالأمر هو جوهر المسألة. بالنسبة إلي كان الأمر كذلك. كان أبي واقفا، وكان يراقبها، ولم يعترض قط. لو كان أحد قد حاول أن يوقفها، لكان سيحميها. أعتبر ذلك حبا.» «سيعتبر البعض ذلك جنونا.»
أتذكر أن ذلك كان رأي بيرل، تماما.
ذهبت إلى الغرفة الأمامية وحدقت في الفراشة، ذات الأجنحة الوردية والبرتقالية. ثم ذهبت إلى غرفة النوم الأمامية ووجدت صورة شخصين مرسومين على الحائط، رجل وامرأة يمسك أحدهما بيد الآخر ويطلان على الناظر مباشرة. كانا عاريين، وكانا حجمهما أكبر من الحجم الطبيعي.
قلت لبوب ماركس، الذي كان قد دخل خلفي: «تذكرني هذه الصورة بصورة جون لينون ويوكو أونو، غلاف الألبوم الغنائي الخاص بهما، ألم يكن كذلك؟» لم أرده أن يظن أن أي شيء قاله في المطبخ أزعجني.
قال بوب ماركس: «لون شعر مختلف.»
كان ذلك صحيحا. كان الشخصان يمتلكان شعرا أصفر مصبوغا في كتل متماسكة، مثلما تلون الشعور في الرسوم الهزلية. كان ذيل الحصان من الشعر الأصفر يتدلى فوق كتفيهما وكانت ضفائر الشعر الأصفر تزين عورتيهما. كان لون جلدهما بيج مائلا إلى القرنفلي، وكانت عيونهما بلون أزرق باهر، بنفس درجة الزرقة الموجودة على حائط المطبخ.
نامعلوم صفحہ