عند بلوغها العاشرة، كانت فيوليت قد صارت مغرمة جدا بالقيام بشئون منزلها وصارت تتعامل أحيانا بطريقة استبدادية. كانت تقضي طوال يوم السبت تنظف وتلمع الأرضيات بالشمع، ثم تصرخ وتلقي بنفسها على الأريكة، وتستشيط غضبا ممن يطئون في الطين والروث ثم يلطخون الأرضيات بأقدامهم.
قالت العمة آيفي، كما لو كانت تتحدث عن طفلة أحد الجيران: «ستكبر تلك الفتاة، ولن تملك شيئا إلا بقايا أسنان في فمها، وهو ما تستحقه بسبب طبعها.» كانت العمة آيفي هي من كان يطأ بأقدامه في الطين ويفسد الأرضية.
في يوم سبت آخر يكون هناك خبز وابتكار لوصفات جديدة للأطعمة. طوال صيف بأكمله، كانت فيوليت تحاول أن تبتدع مشروبا مثل الكوكاكولا، كان من المفترض أن يصبح مشروبا مشهورا، ولذيذا، ويعود عليها بثروة كبيرة. جربت بنفسها ومع أخواتها أمزجة كثيرة من عصير التوت، والفانيليا، وخلاصات الفواكه المعلبة، والبهارات. في بعض الأحيان، كن يخرجن جميعا إلى منطقة الحشائش الطويلة في البستان، يتقيأن. كانت الأختان الصغيرتان تفعلان ما تخبرهما فيوليت به، وكانتا تصدقان ما كانت تقوله لهما. ذات يوم، جاء الرجل الذي كان يعمل لدى الجزار لشراء العجول الصغيرة، وكانت فيوليت تقول لدون روز وبوني هوب إن هذا الرجل لم يكن يرضى في بعض الأحيان عن اللحم الموجود في جسم العجول، وكان يفضل الأطفال المفعمين بالحيوية لعمل شرائح بفتيك، وريش، وسجق منها. قالت هذا على نحو مفاجئ وعلى سبيل التسلية، وذلك حسبما كانت تتذكر لاحقا عندما كانت تحول الأحداث إلى قصص. كانت الفتاتان الصغيرتان تحاولان الاختباء في مخزن التبن، وكان الملك بيلي يسمع الجلبة التي كانتا تصدرانها، ويخرجهما خارج الكومة. كانتا تذكران ما قالته لهما فيوليت، وكان الملك بيلي يقول إنهما يجب أن تضربان لتصديقهما هراء كهذا. قال إنه رجل ذا زوجة عنيدة جدا وابنة فظة تدير له المنزل. عدت دون روز وبوني هوب حتى تواجها فيوليت. «كاذبة! لا يقطع الجزارون الأطفال إلى شرائح! أنت تكذبين، كاذبة!»
لم تقل فيوليت، التي كانت تنظف الموقد آنذاك، شيئا. تناولت وعاء به بعض الرماد الذي أزاحته - والذي كان دافئا لكنه، لحسن الحظ، غير ساخن - وأفرغته فوق رأسيهما. تعلمتا ألا تكررا ما قالتاه مرة أخرى. عدتا إلى الخارج وتدحرجتا على الحشائش وأخذتا تهزان أنفسهما مثل الكلاب، محاولتين نفض الرماد عن شعرهما، وآذانهما، وعيونهما، وملابسهما الداخلية. في أحد أركان البستان، بدأتا في بناء منزل صغير تلعبان فيه، جاعلتين الحشائش المقطوعة المكومة بمنزلة المقاعد وأجزاء من أطباق مكسورة كأطباق. أقسمتا ألا تخبرا فيوليت شيئا عن هذا المنزل.
لكنهما لم تستطيعا الابتعاد عنها. كانت تلف شعرهما مستخدمة قطع قماش بالية، وكانت تلبسهما ملابس مصنوعة من ستائر قديمة، وتطلي وجهيهما، مستخدمة أمزجة من عصير التوت، والدقيق، وملمع الموقد. اكتشفت أمر منزل اللعب واقترحت عليهما فكرا لتأثيثه كانت أفضل من فكرهما. حتى في الأيام التي لم يكن لديها متسع من الوقت لهما، كان عليهما مشاهدة ما كانت تفعل.
كانت ترسم تصميما عبارة عن زهور حمراء على مشمع أرضية المطبخ الأسود، البالي.
كانت تقطع حافة من النتوءات المدورة في كل ستائر النوافذ الخضراء القديمة لإضفاء لمسة جمالية.
كان يبدو كما لو أن الحياة العائلية العادية معكوسة في هذا المنزل. في المنازل الأخرى، كان الأطفال هم عادة من يراهم المرء أولا عند الاقتراب من المنزل؛ أطفالا يلعبون، أو يؤدون بعض المهام المنزلية. تكون الأم مختفية تعمل داخل المنزل. لكن ها هي العمة آيفي، تكوم ثمار البطاطس، أو تتجول في أنحاء الفناء أو في حظيرة الدجاج، مرتدية حذاء مطاطيا طويل العنق، وقبعة رجال، ومجموعة بالية من السترات، والتنورات، والقمصان الداخلية الطويلة والمرايل، والجوارب المتغضنة، المنقطة. كانت فيوليت هي من يتحكم في الأمور في المنزل، كانت هي التي كانت تقرر متى وما إذا كان يمكن إعطاء قطع الخبز، والزبد، وشراب الذرة. كان الأمر يبدو كما لو كان الملك بيلي والعمة آيفي لم يفهما تماما كيف يصنعان معا حياة عائلية عادية، حتى لو كانا قد أرادا ذلك.
لكن العائلة مضت في طريقها. كانوا يحلبون الأبقار، ويبيعون اللبن لمصنع الجبن، ويربون العجول لبيعها للجزار، ويجمعون التبن. كانوا من رعاة الكنيسة الأنجليكانية، على الرغم من أنهم لم يكونوا يذهبون إلى الكنيسة في أغلب الوقت، نظرا لصعوبة إقناع العمة آيفي بالاغتسال. كانوا يذهبون في بعض الأحيان إلى حفلات لعب الورق في مبنى المدرسة. كانت العمة آيفي تلعب ألعاب الورق، وكانت تخلع مريلتها، وقبعتها حتى تلعب، على الرغم من أنها لم تكن تغير حذاءها عالي الرقبة. كان معروفا عن الملك بيلي أنه مغن جيد، وبعد لعب ألعاب الورق، كان الناس يحاولون جعله يسليهم بأن يغني لهم. كان يحب أن يغني الأغاني التي كان قد تعلمها من الحطابين والتي لم تكتب قط. كان يغني ضاما قبضتيه، ومغلقا عينيه، في ثبات:
كنت أقود مارا بعدد من الخلجان على خط أوبونجو،
نامعلوم صفحہ