إذا فجرّ فيه انبسط على جميع الأركان سواء، ومن جند دمشق بعلبكّ وهى مدينة على جبل، عامة أبنيتها من حجارة وبها قصور من حجارة، قد بنيت على أساطين شاهقة، ليس بأرض الشام أبنية حجارة أعجب ولا أكبر منها، وأطرابلس مدينة على بحر الروم عامرة، ذات نخل وقصب سكر وخصب.
وأما جند حمص فإن مدينتها حمص، وهى مدينة فى مستو خصبة جدا، من أصح بلدان الشام تربة، فى أهلها جمال مفرط، وليس بها عقارب ولا حيات، ولها مياه وأشجار وزروع كثيرة، وأكثر زروع رساتيقها أعذاء، وبها كنيسة بعضها مسجد جامع وبعضها كنيسة، وهى من أعظم كنائس الشام، وعامة طريق حمص مفروشة بالحجارة؛ وأما أنظرظوس فهو حصن على بحر الروم، ثغر لأهل حمص، وبه كان مصحف عثمان بن عفان؛ وأما سلمية فهى مدينة الغالب على سكانها بنو هاشم، على طرف «١» البادية خصبة، وأما شيزر وحماة فإنهما مدينتان صغيرتان نزهتان، كثيرتان الماء والشجر والزرع.
وجند فنّسرين مدينتها حلب، وهى عامرة بالأهل جدا، على مدرج طريق العراق إلى الثغور وسائر الشامات وقنسرين مدينة تنسب الكورة إليها، وهى من أصغر المدن بها؛ ومعرّة النعمان مدينة هى وما حواليها من القرى أعذاء، ليس بجميع نواحيها ماء جار ولا عين، وكذلك أكثر ما بجميع جند قنسرين أعذاء، ومياههم من السماء وخناصرة حصن على شفير البريّة، كان يسكنه عمر بن عبد العزيز؛ وأما العواصم فاسم الناحية، وليس موضع بعينه يسمى العواصم، وقصبتها أنطاكية، وهى بعد دمشق أنزه بلد بالشام، عليها سور من صخر يحيط بها، وبجبل مشرف عليها فيه مزارع وأرحية ومراع وأشجار، وما يستقل به أهلها من مرافقها، ويقال إن دور السور للراكب يومان، وتجرى مياههم فى دورهم وسككهم «٢» ومسجد جامعهم، وبها ضياع وقرى ونواح خصبة جدا، وأما الصخرة فإنّها تعرف بصخرة موسى، ويقال إن موسى اجتمع مع الخضر ﵉ فى هذا الموضع؛ وأما بالس فهى مدينة على شط الفرات صغيرة، وهى أول مدن الشام من العراق، والطريق إليها عامر، وهى فرضة الفرات لأهل الشام؛ وأما منبج فهى مدينة فى بريّة، الغالب على مزارعها الأعذاء وهى خصبة، ومنها البحترى الشاعر وثابت ابنه بها «٣»، وسكانها عرب، وبقربها سنجة، وهى مدينة صغيرة بقربها قنطرة حجارة تعرف بقنطرة سنجة، ليس فى الإسلام قنطرة أعجب منها، وأما سميساط فهى على الفرات، وكذلك جسر منبج، وهما مدينتان صغيرتان خصبتان، لهما زروع سقى ومباخس «٤»، وماؤهما من الفرات، وملطية مدينة كبيرة من أكبر الثغور التى دون جبل اللّكام، وتحتف بها جبال كثيرة الجوز، وسائر الثمار مباح لا مالك له، وهى من
النص / 46