ومعلوم أن هذا الذي قالوه في واجب الوجود هو غاية الضلال ونهاية الجهل، وأن ذلك من الالتباس وفاسد القياس، ما يتعجب من كونه يروج على بعض الناس.
وإنما أتوا من حيث كثرة ولوع الأذهان بالقدر المشترك بين الموجودات من غير تحقيق لما يمتاز به بعضها عن بعض، فأمعنوا في شغل نفوسهم بالمعقولات الذهنية / (¬1) من غير تمييز بينها وبين الموجودات في الخارج حتى ظنوا أنها هي الموجودات الخارجية.
وهذا كثيرا ما يعتري مثل هؤلاء؛ يتكلمون في المطلقات والمقدرات الذهنية من غير تمثيل ومطابقة بينها وبين الموجودات الخارجة حتى كانوا من أضل البرية.
وقد علم بصريح العقل: أنه لا بد من موجود واجب الوجود بنفسه، وأن الموجودات المحدثة بعد عدمها ليس واجبة الوجود بنفسها، بل هي ممكنة الحدوث، فلا بد لها من فاعل مبدع يكون واجب الوجود بنفسه. وما ذكروه يمنع الوجود الواجب، مع أن الوجود بما هو وجود يستلزم الوجود الواجب، وإذا كان هذا هو واحدهم؛ فقولهم بعد هذا صدر عنه واحد، قول لا حقيقة له. والقول في الواحد الأول الذي يسمونه العقل الأول، ويزعم ملاحدة أهل الملل: أنه القلم المذكور في الحديث النبوي: «أول ما خلق الله القلم. . .» (¬2)، ويحتجون بحديث موضوع مكذوب: (أول ما خلق الله العقل)، ولفظ الحديث مع أنه موضوع: (أول ما خلق الله العقل، فقال له: أقبل؛ فأقبل. فقال له:
صفحہ 108