وتبين: أن ذلك إنما هو وجودها في الذهن لا في الخارج، وأكثر ما يثبته هؤلاء المتفلسفة من الماهيات الكلية والمادة سواء قالوا: إنهما يفارقان الأجسام، كقول أفلاطن (¬2)، أو قالوا: إنهما لا يفارقانها، كقول أرسطو. وما يثبتونه من العقول المجردة، وما يثبته أفلاطن من الخلاء والدهر، وما يثبته فيثاغورس (¬1) من العدد في الخارج عن الذهن. إنما هي أمور ذهنية ظنوا أنها موجودة في الخارج، وليس الأمر كذلك، فهم يتخيلون أمورا مطلقة في الذهن ثم يظنون أنها ثابتة في الخارج، ويجعلون الواحد اثنين كما قد يجعلون الاثنين واحدا بسبب عدم تفريقهم بين الحقائق الذهنية والحقائق الخارجية؛ فيتصورون وجود الشيء وماهيته، فيظنون أن في الخارج اثنين: أحدهما وجود والآخر ماهية، وليس في الخارج إلا واحد؛ لكن الآخر في الذهن. وأمثال ذلك. فإن هذا مبسوط في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا: أن هذا الواحد الذي أثبتوه، وجعلوه الوجود المطلق، لم يمكنهم أن يجعلوه المطلق بلا شرط؛ فإن الوجود المطلق لا بشرط هو موضوع العلم الأعلى، والفلسفة الأولى عندهم: الناظر في الوجود ولواحقه.
[و] الكائنات كلها تشترك في مسمى الوجود، وذلك المسمى ينقسم إلى:
جواهر وأعراض، وإلى علة ومعلول، وإلى الواجب والممكن، والقديم والمحدث، ونحو ذلك / (¬2) من اللواحق التي تلحق الوجود من حيث هو هو.
ثم الجوهر قسموه: إلى الجواهر العقلية المجردة التي يسمونها المقارنات للمادة، والمادة هنا هي الجسم، ثم يقولون: تنقسم إلى المجرد عن المادة من كل وجه وهو العقل، وإلى ما يتعلق بالمادة.
صفحہ 105