[تفاصيل العقائد لا يهتدى إليها بمجرد العقل بل بنور النبوة]
وكما أن العقل يبين فساد ما قاله هؤلاء وهؤلاء من الأقوال المخالفة للكتب الإلهية، ويبين أن ما يعارضون به النصوص الإلهية ويسمونه عقلا هو جهل لا عقل.
فكذلك أيضا العقل يقرر ما أخبرت به الرسل ويصدقه؛ لكن بطريق الإجمال، وأما التفصيل فلا يهتدى إليه بمجرد العقل، بل بنور النبوة، فإنه مثلا: يثبت أن الخالق مباين للمخلوق، وأنه لا يجوز أن يكون مجانبا له، ولا هو أيضا غير مباين، ولا محايث، ولا داخل العالم ولا خارجه، كما يقول هذا وهذا من يقوله من الجهمية المتفلسفة، والمعتزلة، ومن اتبعهما.
والعقل أيضا يثبت علوه على / (¬1) مخلوقاته مع مباينته لها؛ لكن لا يهتدي إلى معرفة العرش واستوائه عليه.
ولهذا: كان متكلمة الصفاتية الذين لا يقولون بقيام الأفعال بذاته؛ كأبي محمد بن كلاب (¬2) والحارث المحاسبي والقلانسي (¬3) ونحوهم: ينفون بالعقل علوه على مخلوقاته ومباينته لها، ويجعلون الاستواء صفة سمعية.
فكذلك أيضا العقل وإن بين خلقه للعالم؛ لكن لا يبين أنه خلق في ستة أيام.
صفحہ 100