[فإن] (١) كان النبي ﷺ قد أخبر أن ماءَه طهور -مع هذا التغير- كان ما هو أخف ملوحةً منه أولى أن يكون طهورًا، وإن كان الملح وُضِع فيه قصدًا؛ إذ لا فرق بينهما في الاسم من جهة اللغة.
وبهذا يظهر ضعف حجة المخالفين؛ فإنه لو استقى ماءً أو وَكَّله في شراء ماءٍ لم يتناول ذلك ماءَ البحر؛ ومع هذا فهو داخل في عموم الآية فكذلك ما كان مثله في الصفة (٢).
وأيضًا فقد ثبت أن النبيَّ ﷺ أمر بغسل المحرم بماءٍ وسدر (٣)، وأمر بغسل ابنته بماءٍ وسدر (٤)، وأمر الذي أسلم إن يَغتسل بماءٍ
_________
وأحسن هذا الشواهد حالًا هو حديث ابن عباس، أخرجه الحاكم (١/ ٢٣٧)، والدارقطني (١/ ٣٥) من طريق سريج بن النعمان عن حماد بن سلمة عن أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس قال: سئل رسول الله ﷺ عن ماء البحر فقال: "ماء البحر طهور".
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال الدارقطني: الصواب موقوف.
(١) في (د، ف): [فإذا].
(٢) قال الشيخ محمد حامد الفقي ﵀: "هذا والأصل في كل ماء من المياه المعروفة فهو طاهر مطهر، وكذلك كل شئ على الأرض فهو حلال بنص قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [البقرة: ١٦٨]، لا يخرج شيء من ذلك عن الحل والطهورية إلا بنص صحيح صريح، وقد ضيق مقلدو المذاهب بافتراضتهم وتشديداتهم ما ليس لهم به علم ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج]، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ ".هـ.
(٣) أخرجه البخاري (١٢٦٥، ١٢٦٦)، ومسلم (١٢٠٦) من حديث ابن عباس ﵄.
(٤) أخرجه البخاري (١٢٥٣، ١٢٥٤)، ومسلم (٩٣٩) من حديث أم عطية ﵂.
1 / 61