وزارة الحقانية، ولها مستشار سويسري. (12)
وزير حامل ختم الإمبراطور. (12) مدينة هرر
وصف الأستاذ محمد علي إبراهيم لقمان مدينة هرر، فقال: كانت مدينة «هرر» التاريخية القديمة في يوم من الأيام جزءا من مصر، وأحد أقسام تلك الإمبراطورية المصرية الواسعة إلى عهد قريب، وقد بنيت هذه المدينة التاريخية منذ أربعمائة وخمسين سنة، ومؤسسها هو «الحاج نور».
وتقع مدينة «هرر» على رابية عالية، وعدد سكانها اليوم يربو على الستين ألفا، وهي ضيقة الأزقة قذرة جدا، خلا بعض مساكن الإفرنج، كما أنه ليس فيها إدارة بلدية تنظم أحوالها الصحية وأكثر بيوتها من الطين، وهي حقيرة منخفضة، وليس فيها سوى طريق واحدة تجري فيها السيارات؛ وهي طريق «فس مجالا» يعني السوق الكبرى . وفي هرر مستشفى فرنسي وبعض مدارس للمبشرين ومستشفى آخر لهم، وكنيسة - بل كنائس - وجملة من القصور البديعة ، وقصر شامخ الأركان مرتفع البنيان كلف حكومة الحبشة مبلغا كبيرا، وقد أنشأته بمناسبة زيارة الإمبراطور «لهرر»؛ لأنها مسقط رأسه.
ويحدق «بهرر» سور قديم، لكن الدولة الحبشية لا تألو جهدا في ترميمه، وهرر تكاد تكون المدينة الوحيدة التي تكثر فيها حوانيت الخمر والمطاعم، ولها خمسة أبواب، فإذا خرج الإنسان إلى خارج المدينة ينحدر إلى مساكن الأوروبيين؛ ليجد نفسه في فردوس من فراديس الدنيا، فهي تشبه جزيرة أو صخرة عالية وسط بحر متلاطم بالأمواج، فإذا أطل المرء من نافذة بيته في هرر رأى أرضا كأنها الجنة في بهائها ورونقها واخضرارها وبساتينها المثمرة بلا انقطاع ما تعاقب الليل والنهار.
ويسكن هرر جمع خليط من الهرريين، وهؤلاء لا يسمون أنفسهم أحباشا ولا عربا، ويأنفون من كل نسبة غير انتسابهم إلى هرر الخضراء، وهم مزيج من الأمم ولهم لغة مستقلة والكثيرون منهم يتكلمون العربية والحبشية والصومالية، والحبشية نفسها تنقسم إلى لغتين: الأمحارا، والقنو. وفي هرر أحباش وصومال وعرب وإفرنج، غالبا من اليونانيين وبعض الأرمن.
وأكثر الإفرنج الذين في هرر يديرون البارات والمطاعم العديدة فيها، أما القناصل وأصحاب الوظائف فيقيمون خارج هرر، وسكان هرر لا ينقصون عن 60 ألفا من جميع الأجناس.
ولا ترى في هرر أندية ولا جمعيات ولا محافل للعلوم والآداب، وليس فيها مدارس تعلم اللغات الأجنبية سوى مدرسة للمبشرين، ومن أغرب الأمور أن لهم فيها ثلاث عشرة سنة وهم يقومون بمهمتهم على أتم وجه دون أن يتمكنوا من استمالة أحد من المسلمين، وكل ما هنالك أنهم استمالوا ولدا من الأرثوذكس فحولوه برتستنتيا، وهرر لو اعتنت بها حكومة الإمبراطور ونظفتها وعمرتها وأصلحت الطريق إليها من جقجقة ومن دردوة؛ فإنها تصبح درة في أرض الحبشة وزهرة في مدن الشرق.
والجو في هرر معتدل لا حرارة مهلكة ولا شمس ساخنة، فالمطر يسقط غالبا رذاذا، وينهمر في بعض الأحيان؛ فتمتلئ به الوديان وتدفق منه العيون، وحول هرر خمسة أنهر يجري ماؤها دائما عذبا سائغا للشاربين، ومن المؤسف أن تذهب هذه الأرض لقمة سائغة للاستعمار الإيطالي لا قدر الله . (13) خطة الحرب الحبشية
أثار فتح قناة السويس رغبة الدول في احتلال ثغور على البحر الأحمر، فاستولت إنجلترا على الصومال الإنجليزي، وفرنسا على الصومال الفرنسي وميناء جيبوتي، وإيطاليا على أريتريا سنة 1769، والصومال الإيطالي سنة 1685، وميناء مصوع.
نامعلوم صفحہ