فإن قلت: فقد جاء ﴿هل يسمعونكم إذ تدعون﴾، فعدي إلى المخاطبين، ولم يذكر مفعولًا آخر مما يسمع.
فالقول: إن المعنى: هل يسمعون دعائكم، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، كقوله تعالى ﴿إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم﴾.
واعلم أن المضارع من "رأى" على "يفعل" مفتوح العين للهمزة التي هي عين الفعل. ويوافق أهل التحقيق أهل التخفيف في تخفيفها، حتى صار التحقيق فيها شاذًا عن الاستعمال، كما بني "يذر" و"يدع" ونحوه مما رفضوه في استعمالهم، وإن كان القياس يوجبه، قال سيبويه: "مما حذف في التخفيف لأن ما قبله ساكن قولك: أرى وترى ويرى، وذلك أن كل شيء أوله زائدة سوى ألف الوصل من رأيت فقد أجمعت العرب على تخفيفه لكثرة الاستعمال، جعلوها تعاقبها زائد المضارعة. وذكر أبو الخطاب أنه يسمع من يقول من العرب الموثوق بهم: قد أرآها". وربما في الشعر كما يجيء "وذر" و"ودع" وإظهار التضعيف الذي لا يظهر في الكلام، فمن ذلك قول سراقة البارقي، أنشده أبو زيد:
1 / 83