كما لا يجوز عليهم الكبائر. فإن ثبتت الرواية بذلك احتمل وجهين:
أحدهما: أن يعني بالغرانقة العلا الملائكة دون الأصنام؛ لأن الملائكة قد جرى ذكرهم، وشفاعة الملائكة ترتجى بقوله ﴿ولا يشفعون إلا لمن ارتضى﴾، وبقوله ﴿فاغفر للذين تابوا اتبعوا سبيلك﴾.
والآخر: أن يُعنى بالغرانقة العلا الأصنام، ولا يكون ذكر النبي ﷺ لها على الحد الذي أنكره من ذكرنا من أهل النظر، بل يكون على جهة التوبيخ لهم بذلك، كما أنهم يوبخون بعبادة اللات وغيرها وتعظيمهم، فيكون معنى الغرانقة وشفاعتهم ترتجى، أي: الغرانقة العلا عندكم، وشفاعتهم ترتجى عندكم، ويكون هذا مثل قوله ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ عند نفسك، وكقوله حكاية عن السحرة لموسى ﴿وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك﴾.
فإن قال قائل: كان الساحر في ذلك الوقت يعظم.
فهو قول بعيد؛ لأن هؤلاء السحرة آمنوا بدلالة إخبار الله عنهم بذلك في غير موضع. وإذا آمنوا تبينوا بطلان ما كانوا عليه، وأنه لم يكن له حقيقة، فإذا تبينوا ذلك لم يكن الساحر معظمًا عندهم، وإن كان معظمًا عند غيرهم من
1 / 80