المعنى: انتبه، فإني نسيت الحوت، ولذلك دخلت الفاء كما تدخل في جواب الجواء. ومثله ﴿أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورًا فمن يأتيكم﴾، كأنه قال: انتبهوا، فمن يأتيكم، كما كان قوله ﴿فإني نسيت الحوت﴾ كلك. ولا يكون جواب الجزاء الذي هو ﴿إن أصبح ماؤكم غورًا﴾، ولكن جواب ما دل عليه "أرأيتم" الذي هو بمعنى "انتبه"، كما أن الفاء في قوله ﴿فسلامٌ لك من أصحاب اليمين﴾ ليس هو بجواب، إنما هو جواب "أما". وقد جوز أبو الحسن زيادة الفاء في هذا النحو، إنما هو جواب (أما). وقد جوز أبو الحسن زيادة الفاء في هذا النحو، فيكون الاستفهام بعد تقدم زيادة الفاء قد سدت مسدّ المفعولين. ولا يكون "أرأيتم" بمعنى "أخبرني" على هذا؛ لأن تلك تتعدى إلى مفعول قبل الاستفهام، أو يلحق الكلام ما يكون بدلًا من لمفعول، كقولهم: أرأيتك أنت من حملك على هذا، فـ"أنت" قد صار بدلًا من المفعول به، حتى لم يستعمل معه المفعول، كما لم يستعمل الواو في قولهم "لاها الله ذا".
فأما قوله ﷿ ﴿أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى. ألكم الذكر﴾، فهو بمنزلة "أخبروني"، فتعدى "أرأيت" إلى المفعول، ووقع الاستفهام في موضع المفعول الثاني، والمعنى: أرأيتم جعلكم اللات والعزى بنات الله ألكم الذكر.
وإن قلت: فقد نص على أن الموصول لا يحذف، فكيف ساغ هذا؟
قيل: جاز هذا لأن هذا المعنى قد تكرر فصار معلومًا لتكريره، فكذلك
1 / 78