وكم رأيت أصحاب الألوف عدموها ولم يبق معهم منها واحد وأنا غنمي هي هي لا تزيد ولا تنقص. وإنما أوردت هذا المثل لتعلم أن القناعة راحة البدن وتخفيف في الحساب وتقليل في الهموم ومع ذلك فجميع أصحابي وأقراني يحسدونني ويبغضونني ويتعاطون أسباب هلاكي والأولى والأليق أنني لا أفعل شيئًا يؤدي إلى ذلك قال المحتال ما أحسن ما نظرت وأيمن ما أشرت ولكن كن كما قيل:
إذا هم الفتى بين عينيه عزمه ... ويكسب من ذكر العواقب جانبا
ثم إذا كان قصدك في الأمور جميلًا فلا تخش من حاسد ولا تتوقع الأذى من عدو فضلًا عن صديق، وإذا كان الله معك فلا تبال بأحد ولا زالت الناس تطلب الترفع على الأقران والمنازل العلية على غيرهم وإذا كانت مقاصد الإنسان سيئة كانت عواقبه وخيمة وحالاته ذميمة ولو نال قصده. وأنا لولا شاهدت فيك الخير وإشاراته ما أشرت عليك ورأي أن تشرع في هذا الأمر متوكلًا على الله تعالى، قال الزكي: إذا كان الأمر كذلك فإني فوضت إليك مقاليد هذا الأمر فافعل فيه ما تختار وقدم الاستخارة ولا تتوان وكن ثابت القدم ولا تقصر في السعي ما وصلت القدرة إليه فلعل الله تعالى يساعد على ذلك، قال المحتال: فإياك أن تتردد في أمر من الأمور أو يخطر ببالك خوف من شيء بل دم على حالة واحدة حتى تتم لك هذه الأمور ولي عليك شروط أقدمها بين يدي الشروع في المقصود فإن اليوم كلامي معك متيسر فإذا عليت مرتبتك وصرت سلطانًا فلا يليق التكلم معك إلا على قاعدة الملوك وإذا لم استوف كلامي معك في وقت الحاجة اختل النظام.
قال الزكي: نعم وليت، ولكن أنت مرتبتك عندي علية
1 / 89