بمال جزيل ثم اشتاق إلى وطنه فجاء إلى بلخ فلما وصل إلى البلد تخفى ودخل البلد لينظر ما حدث في غيبته فجاء إلى داره وصعد إلى السطح من طريق كان يعرفها فنظر من الكوة فرأى زوجته قد عانقت شابًا جميلًا وهما نائمان على السرير فأخذته الحمية وقصد قتلهما ثم تفكر في نفسه وقال: إن مدة غيبتي طويلة وقد تكون المرأة فسخت عقد نكاحي وتزوجت بهذا الرجل حلالًا فالتأمل في هذا الأمر والفحص عنه أولى، ثم نزل وأتى إلى جارة له في صبيحة تلك الليلة فطرق عليها الباب فخرجت له فقال لها إني رجل تاجر كنت أتردد على صاحب هذه الدار مدة بعيدة فأخبريني ما حاله، فقال إنه سافر من مدة مديدة ولم نعرف له خبرًا وإن زوجته لما طالت الغيبة عليها توجهت إلى القاضي وشكت إليه طول غيبة زوجها وأنها لا تعرف أهو حي أم ميت ولم يأتها جواب منه ولا خبر عنه فطلقها عنه وأمرها بتزوج غيره، فظهر للتاجر البلخي أن الأمر على ما ظنه وأنه لو قتلهما لكان ذنبهما بعنقه فحمد الله تعالى وأثنى عليه بمحامده إذ ألهمه التثبت ف الأمر، وإنما أوردت لك هذا المثل لتعرف فائدة التأمل في العواقب فقال الدب: دعنا يا أخي يا مبارك من هذا الكلام وخذ بنا في تدارك هذه القضية قبل أن يخرج تداركها من أيدينا فنندم حيث لا ينفع الندم. لأنهم قالوا إذا لم تتدارك زلة القدم ندمت حيث لا ينفعك الندم، فقال مبارك: عندي من يتدارك أسباب الصلح والسعي ويفعل لك ما فيه الرشد وينفي عنك ما يوقع في الغي وخلص لك الرئيس ويأخذ لك في المصافاة باطنًا وظاهرًا بحيث ترتفع الكدورات من الاثنين أصلًا فإن شاطرتني على هذه الشروط كما ذكرت فأنا أتعاطى أسباب التدارك في هذه القضية وإن أبقيت في نفسك شيئًا من نقص فلا يفيدنا ذلك شيئًا بل ربما وقعنا في بلية ولا تنتج أمورنا ولا تنجح
1 / 74