العفريت سأل الرسول عن أوضاع الشيخ الزاهد وأحواله التي رآه عليها في المساجد والمشاهد وما عاينه من أموره وحركاته في سيره ومروره، فقال: رأيت إنسانًا مباركًا زاهدًا صائمًا للفضول تاركًا كلامه صادع وأمره ناجع ما حاد عن مشروعه في أمر ذهابه ورجوعه كثير الذكر والفكر مسائل العبرة في الذكر يقوم الليل إلا قليلًا ويرتل القرآن تيرتيلا يعرف الحق فيأتيه ويحث على فعله أتباعه ومريديه كأنه نبي أو رسول أو طود راسخ عن الحق لا يحول.
فلما سمع العفريت ذلك ندم على مناوشته ولكن قال الشروع ملزم والبداءة توجب التكلم ثم إنهم حضروا وأحضروا معهم الجان والعفاريت وأحضروا الأكابر من الآدميين والعلما واشترطوا على الزاهد أنه إن غلبه العفريت في سؤاله وعجز الزاهد عن جوابه يهلك العفريت جماعته وإن أجاب الشيخ سؤال العفريت لا يظهر بعد ذلك اليوم لبني آدم بل يسكنون الخرب من البلاد والجزائر وتحت الأرض ويتشتتون في نواحي الدنيا. ثم شرع العفريت في السؤال، فقال السؤال الأول: العالم كم قسمًا وخالق العالم من هو وهل هو متعدد أو واحد فقال الزاهد: العالم ثلاثة أقسام: الأول، مفردات العناصر كالتراب والماء والهواء والنار والثاني، الأجرام العلوية كالسموات السبع وما فيها من النجوم والكواكب وهذه الأجرام بعضها متحرك من وجه ساكن من وجه، الثالث العقول والنفوس الملكية ومقامها في أعلى عليين وحصول هذه شيء لا يوصف بالحركة والسكون ولا بالبساطة والتركيب، وأما موجد العالم وخالقه فهو واحد لا يثني أحد لا يتجزأ قديم قادر سميع بصير مريد متكلم حي عالم أزلي لا بداية له ابدي لا نهاية له إلى آخر أوصاف الربوبية وما يتعلق بها من الصفات اللائقة بها
1 / 56