فسأله بهدوء: أقرأت كتاب برجسون عن أصل الأخلاق والدين؟
فقال سالم جبر باستهانة: إني أقرأ برجسون كما أقرأ قصيدة حالمة!
فقال له الدكتور ماهر عبد الكريم: إنك يا أستاذ تحلم بثورة كالتي قامت في روسيا منذ أربعة عشر عاما، وهي تتكشف كل يوم عن مضاعفات خطيرة.
فقال سالم جبر بحدة: نحن لا نعرف عن روسيا إلا ما نقرؤه في صحف الغرب وكتبه.
وحلت هدنة ريثما نشرب أقداح القرفة، وننعم بحشوها الطيب من البندق واللوز والجوز. ثم خرق الهدنة شاب قائلا: لا حل إلا القضاء على أحزاب الأقلية الطامعة في الحكم.
فقال سالم جبر: هذه ترجمة ركيكة لصراع الطبقات.
ولكن الدكتور إبراهيم عقل قال: إن رئيس الوزراء يزعم أنه يسعى للحصول على الاستقلال فلندعه يسع! - وإن فرض علينا معاهدة مثل تصريح 28 فبراير؟
فقال الدكتور بشيء من العنف: الاستقلال الحقيقي في المثل العليا وبنك مصر!
طالما عذبني التناقض بين تناول الأوساط الشعبية للسياسة، وتناولها في الأوساط الثقافية الرفيعة، فهي هناك انفعال مضطرم سرعان ما يسيل دما، وهي هنا مناقشات متفلسفة لا تخلو من تثبيط للهمم وتخييب للآمال.
فكرت في ذلك ونحن راجعون من قصر المنيرة، وتبادلنا الآراء في سرعة محمومة: لا بد من ثورة! - أيكفي الإضراب لإشعال ثورة؟ - هكذا قامت ثورة 1919 فيما يقال. - كيف قامت ثورة 1919؟ - ما أقربها وما أبعدها!
نامعلوم صفحہ