قال: قلت لهما: بارك الله فيكما، ذراني فأدخله. قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله.
قال: قلت لهما: فإني قد رأيت الليلة عجبا، فما هذا الذي رأيت؟
قال: قالا لي: أما إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة. وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق. وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني. وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر، فإنه آكل الربا. وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم. وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم
صلى الله عليه وسلم ، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة.
قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله أوأولاد المشركين!
فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : وأولاد المشركين.
وأما القوم الذين كانوا: شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تجاوز الله عنهم.
وهذا الحديث يرويه البخاري بالنص الذي رويناه ويوافقه عليه مسلم وتظهر فيه الصحة؛ لأنه لا يعدو ما أنذر الله به المذنبين من ألوان العذاب إلا أن يتوبوا ويصلحوا، ولأن قوة لفظه وحسن تمثيله وإشراق عبارته كل ذلك يلائم ما نعرف من فصاحة النبي وروعة بيانه.
ففكر في موقع هذا الكلام من قلوب أصحاب النبي حين سمعوه، وكيف خوف حتى ملأ القلوب رعبا، وكيف رغب حتى ملأ النفوس أملا.
نامعلوم صفحہ