وقتها أم في آخره. والحديث الآخر دل على كون الصلاة في أول وقتها أفضل الأعمال مطلقا، والعمل بهما معا ممكن من غير منافاة، فإن الصلاة مطلقا إذا كانت أفضل من غيرها من العبادات كان الفرد الكامل منها أفضل الأعمال قطعا بالنسبة إلى باقي أفرادها وإلى غيرها، مع أنه خبر ابن مسعود ليس في قوة خبرنا الصحيح، بل إسناده غير معلوم، فلا يصلح للتقييد لو توقف الأمر عليه.
الثاني: ظاهر الحديث يقتضي نفي أفضلية غير الصلاة عليها
، والمطلوب أفضليتها على غيرها، وأحدهما غير الآخر، فإن قوله (عليه السلام): «لا أعلم أفضل منها» (1) لو سلم منه نفي وجود الأفضل لا يدل على نفي وجود المساوي، والمطلوب لا يتم بدونه، فإن الفرق واضح بين إثبات أفضلية شيء من غيره، وبين نفي أفضلية غيره منه.
ويمكن الجواب بأن نفي المساوي وإن لم يعلم من نفس الجواب لكن علم بوجه آخر، وهو أن السؤال إنما وقع عن الأفضل كما في قوله: سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو (2)؟ فلو كان غير الصلاة مساويا لها في الفضيلة لزم منه عدم مطابقة الجواب للسؤال، وخبر ابن مسعود أوضح دلالة من الحديث الأول، بل السؤال ساقط عنه رأسا؛ لأنه سأله عن أفضل الأعمال فأجاب بأنه الصلاة (3)، وفي سقوط السؤال عن الحديث الآخر بحث.
ويمكن أن تستفاد الأفضلية من مثل هذه العبارة من العرف العام، فإن أهل اللسان كثيرا ما يستعملون ذلك في شيء ويريدون أنه أفضل من غيره، لا نفي أفضلية غيره عليه خاصة، ويتأكد ذلك بدلالة المقام عليه وإرشاد أول السؤال إليه كما بيناه.
الثالث: قد تحقق في الأصول أن المعرفة من العبادات التي لا تتحقق فيها القربة ولا تتوقف على النية
؛ لتوقف نية القربة على معرفة المتقرب إليه، فلو توقفت المعرفة عليها دار، والسؤال في الحديث وقع عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم، وذلك
صفحہ 31