الصلاة، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم (عليه السلام) قال وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (1).
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن المراد بالصلاة المفضلة هي اليومية، وموضع الدلالة قوله: «هذه الصلاة»، فإنه إشارة إلى الفرد المتعارف المتكرر وهو الصلاة اليومية.
وفي الاقتصار من اسمه على الإشارة تنبيه على تعظيمه وتمييزه أكمل تمييز، كما هو مقرر في محله من علم المعاني، وحيث لم يكن غير هذه الصلاة أفضل منها في علم الإمام (عليه السلام) دل على عدم وقوعه وتحققه، وإلا لكان معلوما له (عليه السلام)؛ لأنه من أحكام الدين التي يجب إحاطته بها، فتعبيره (عليه السلام) بعدم العلم كناية عن العدم. وهذا هو الذي تقدم الوعد به من دلالة هذا الخبر على أن الصلاة المفضلة هي اليومية (2)، فإن ما كان أفضل من غيره من العبادات يكون أفضل من الحج بأزيد من العدد المتقدم فضلا عنه.
وتنقيح الحديث يتم بمباحث:
الأول: ظاهر إطلاق الحديث ومقتضى استدلال المصنف أن الصلاة أفضل الأعمال مطلقا
، سواء كانت واقعة في أول وقتها أم في وقت إجزائها.
وقد ورد في هذا المقام خبر آخر مقيد، وهو ما رواه ابن مسعود عنه (عليه السلام) أنه سئل عن أفضل الأعمال، فقال: «الصلاة في أول وقتها» (3)، وحيث كان هذا الخبر مقيدا وجب حمل المطلق عليه كما تقرر في الأصول؛ لاستلزامه إعمال الدليلين، فعلى هذا لا يتم المدعى، كذا أورده بعض الفضلاء.
وجوابه: منع المنافاة الموجبة للجمع بينهما بتقييد المطلق بموضع التقييد، فإن الخبر الأول اقتضى كون الصلاة مطلقا أفضل من غيرها من العبادات، سواء وقعت في أول
صفحہ 30