مقامات القرني

عائض القرني d. 1450 AH
92

مقامات القرني

مقامات القرني

اصناف

وأصبح بعد الليث في دارنا فار قلبك من الذنوب مجروح ، ولا تبكي ولا تنوح ، كأنك جسد بلا روح ، ما أثر فيك الوعظ ، وما فهمت اللحظ ، وما ميزت بين المعنى واللفظ ، الحمام يبكي على الأغصان ، من فقد الخلان ، والغراب على البان ينحب ، وعلى الشجر يشغب ، لسفر أصحابه ، وبعد أحبابه ، وقلبك قاسي ، كما الصخر الراسي ، لا تدمع لك عين ، ولا يؤثر فيك الفراق والبين ، ولا يردعك حياء ولا دين ، الغراب قتل أخاه ، ثم ندم فواراه ، ودفنه وبكاه ، وأنت قتلت نفسك بالكبر والرياء ، وما منعك الحياء ، كأنك لست من الأحياء ، النملة أنذرت بنات جنسها ، فعادت إلى رمسها ، تبقي لقوت يومها من أمسها ، وأنت تجاهر الواحد القاهر ، الباطن الظاهر ، بالكبائر .

أما أتاك من الرحمان موعظة

مركوبك النعش ينسيك المراكب في

ما قال في سأل منها وفي عبسا

دنياك لما ركبت الأدهم الفرسا

مالك في دنياك تتبلد ، وفي غيك تتردد ، وما فعلت كما فعل الهدهد ، سافر إلى اليمن وهو وحيد ، يدعو إلى التوحيد ، فعاد إلى سليمان ، بعد ما أعطاه الأمان ، فجاء من سبأ بنبأ ، وأنكر على بلقيس ، إذ زين لها إبليس ، تسجد للشمس ولا تسجد لمن أجراها ، وما أدرى الشمس عن الخليقة ما أدراها .

فأصبح الهدهد داعية ، أذنه للحق واعية ، وقدمه في التوحيد ساعية ، وأنت هل دعوت أحدا ، أو مددت للخير يدا ، أو أسمعت الهدى بلدا .

الفيل وجهوه لهدم البيت ، فنادى لسان حاله يا أبرهة ضللت وما اهتديت ، وظلمت واعتديت ، والله لا أنقل إلى البيت القدم ، وأموت هنا وكعبة الله لا تنهدم.

وقفت حياء عند بابك مطرقا

فلو قطعوا رأسي لما سرت خطوة

ولم أنقل الأقدام من روعة الخجل

أهذا جزاء الفضل من ربنا الأجل

الفيل يلوي عن المعصية رأسه ، ويبرد عن المخالفة حماسه ، وأنت لا يردك عن الخطيئة باب ، ولا يحجزك عن السيئة حجاب .

صفحہ 87