ولا تقل إنني بالغت في المدح بل قصرت ، ولا تزعم أنني طولت في الثناء بل اختصرت . وقد عرفت في حياتي مئات العلماء ، والأدباء ، والشعراء ، والنبلاء ، والكل فيه فضل ، والجميع فيه نبل . ولكن الذي تفرد بالفضائل واصطفاها ، وجمع حسن الشمائل وحواها ، وعرف دروس المجد ووعاها ، هو هذا الإمام الهمام .
وقد طالعت سفر صفات الصالحين ، وقرأت ديوان المفلحين ، وراجعت علامات الناجحين ، فوجدتها فيه منطبقة ، وعليه متسقة .
ولو حرص الكثير لما استطاعوا
إلى ما فيك من كرم الخصال
وابن باز جمع بين ثلاث ميمات ، لها قيمات ، ولها عليه سمات وعلامات .
فميم العلم ، والرسوخ في الفهم ، وهي إمامة مقدسة ، على الوحي مؤسسة .
وميم الكرم والسخاء ، والتي حرم منها البخلاء ، فصار هذا الشيخ بالكرم رئيسا ، وعند الناس نفيسا . وميم الحلم فلا يغضب ولا يعتب ولا يصخب ولا يضرب .
وقد قرأت عليه قطعة من مسند أحمد في المسجد ، فكان يتكلم بقول مسدد ، ورأي بالصواب مؤيد ، ولا يتردد . وألقيت عليه قصيدتي البازية ، وهي فصيحة لا رمزية ، فقابلها بالقبول ، واللطف في القول ، ودعا لي بالتوفيق ، كأنه والد شفيق .
وألقيت عليه قصيدتي في أبي ذر ، فاستأنس وسر ، وقصائد كثيرات ، في لقاءات ومخيمات ، وندوات وأمسيات .
يا ليت أيامي تعود فذكرها
في عهد هذا الفذ قد أشجاني
وهو أول ضيف افتتح بيتي في الرياض ، وقد أفاض علي من بره ما أفاض ، وما رأيت منه في حياتي الجفاء والإعراض :
أنا ممن سماحته أنالت
عليه تحية الرحمن تغدو
وممن دربت تلك الأيادي
لما أسداه من نفع العباد
بل كان دائما كثير الترحاب ، لين الجناب ، قريبا من الأحباب ، مكرما للأصحاب .
صفحہ 72