ماذا يصنع اليهود؟!
حدثني صديق لي من الأدباء قال: "سافرت من عشر سنين إلى القدس (١) أنا وفلان (وسمى رجلًا ممن يشتغل بالسياسة) فأحببنا أن نرى الجامعة العبرية، فذهبنا إليها على غير وعد سابق، وجعلنا نطيف بأقسامها وكلياتها فنرى أمرًا عظيمًا وشيئًا هائلًا، حتى وصلنا إلى المكتبة فوجدنا فيها قدرًا كبيرًا من الكتب ما كنت أظن أنه يجتمع مثله إلا في مكتبة لندن أو برلين، ورأينا الفهارس العجيبة التي يصل بها المطالع إلى الكتاب الذي يريده في لحظة، وسألنا القيم عن المراجع العلمية لموضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية فكان يفتح أدراجًا في المكتبة ويعطينا عن كل موضوع أسماء كتب كثيرة في كل اللغات، حتى تبين لنا أن من يواظب على هذه المكتبة شهرًا لا يخفى عليه بعدها خافية من أحوال الدول العربية المحيطة بفلسطين في تجارتها وصناعتها وتاريخها وجغرافيتها وخلائق أهلها وصفاتهم وعاداتهم. فأرينا القيم إعجابنا ومدحناه فاستدرجناه فأطلعنا على شيء أعجب: درج فيه بطاقات (فيشات) مرتبة على الحروف فيها تراجم كل من له ذكر من رجال العرب، وسألني عن اسمي، فقلت: فلان، فمد يده فأخرج بطاقة فيها
(١) الذي حدثني بهذا هو أستاذنا شفيق جبري، وكان سفره إلى القدس قبل إنشاء دولة إسرائيل.