ويطلبون إعانتهم ومساعدتهم، بل الرؤساء لم يزالوا يستغيثون بجنودهم وأتباعهم ويندبونهم.
فعلم أنه لا يراد بهذه المذكورات، المعاني السابقات، وتعين إرادة المعاني الجديدة، فصارت بذلك من المجملات والمتشابهات، فلا يجوز الحكم بمقتضاها، إلا في الموضع المعلوم دون المشكوك والموهوم.
وإنما هو خطاب الوضيع لمن شأنه رفيع، على أن يكون ملك التصرف، أو خدمته الخاصة لرفعته الذاتية، وشرافته الأصيلة، من دون أمر آمر، ولا تكليف مكلف، بل من مجرد الابتداع والاختراع.
وأما ما كان عن أمر آمر، فالمعبود هو الآمر، ولا فرق بين أن يقول: ضع جبهتك في الصلاة على الأرض، أو على بدن إنسان، أو غير ذلك، وبين أن يقول: ضعها على (قبر) كذا، أو (حجر) كذا.
وإنما كفر عبدة الأصنام، لأنهم فعلوا ما يعد عبادة من دون أمر الله، ولأنهم خالفوا أنبياء الله في نهيهم عن تلك الأشياء، فكانت قصد تقربهم فيما نهى الله عنه. إما بناء على أن الأصنام للجبار قاهرون، فيقربونهم قهرا، أو كان استهزاء بالرسالة، وتكذيبا لهم، وكل من الكافرين أعظم من الآخر، فأن المتقربين محصل كلامهم أنا نخالف أمر الله، وأمر رسوله ونعبد ما نهينا عن عبادته ليقربنا إلى الله.
المقصد الثالث في الذبح لغير الله لا يشك أحد من المسلمين في أن من ذبح لغير الله ذبح العبادة (كما يذبح أهل الأصنام لأصنامهم حتى يذكروا على الذبائح أسماءهم، ويهلون بها لغير الله) - خارج عن ربقة المسلمين، سواء اعتقدوا آلهيتهم، أو قصدوا أن يقربوهم زلفى، لأن ذلك من عبادة غير الله تعالى.
وأما من ذبح عن الأنبياء أو الأوصياء، أو المؤمنين ليصل الثواب إليهم، كما يقرأ القرآن ويهدى إليهم، ونصلي لهم وندعو لهم، ونفعل جميع الخيرات عنهم، ففي ذلك أجر عظيم، وليس قصد أحد من الذابحين للأنبياء أو لغيرهم سوى ذلك.
صفحہ 544