[16] فأما غلط البصر في المعرفة من أجل خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال فكالمبصر المشف إذا كان شديد الشفيف، وكان لونه مع ذلك لونا رقيقا صافيا، وكان وراءه جسم متلون بلون قوي مشرق غيرذلك اللون الذي في الجسم المشف ومن غير نوعه، وكان ذلك الجسم مماسا للجسم المشف. فإن البصر إذا أدرك المبصر المشف الذي بهذه الصفة فإنه يدرك اللون الذي يظهر من ورائه، ويظن أن ذلك اللون هو لون الجسم المشف، إذا لم يكن قد تقدم علمه بلون ذلك الجسم.
[17] وإذا أدرك البصر المبصر متلونا بلون من الألوان وكان لونه غير ذلك اللون فهو غالط في مائية لونه، ومائية اللون إنما تدرك بالمعرفة، فيكون غلط البصر فيما هذه حاله غلطا في المعرفة، وتكون علة هذا الغلط هو خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال. لأن المبصر إذا كان كثيفا، أو كانت فيه كثافة قوية مع شفيف يسير، فإن المبصر ليس يغلط في مائية لونه إذا كانت جميع المعاني الباقية التي فيه التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال. فعلى هذه الصفة وأمثالها يكون غلط البصر في المعرفة من أجل خروج الكثافة التي في المبصر عن عرض الاعتدال.
[18] فأما غلط البصر في المعرفة من أجل خروج شفيف الهواء المتوسط بين البصر والمبصر عن عرض الاعتدال فكالمبصر الذي يدركه البصر من وراء جسم مشف يقطع الهواء المتوسط بين البصر والمبصر، ويكون لون ذلك المبصر رقيقا، ويكون الجسم الذي يقطع بينه وبين المبصر ذا لون قوي مع الشفيف الذي فيه كالزجاج المشف القوي اللون وكالثياب الرقاق المشفة المتلونة بألوان قوية. فإن البصر يدرك لون المبصر الذي بهذه الصفة من وراء الجسم المشف ممتزجا بلون الجسسم المشف، فيدرك لونه على خلاف ما هو عليه. فإن كان أخضر وكان الجسم المتوسط كحليا، أدرك البصر لون ذلك المبصر أخضر. وإن كان أبيض، وكان لون الجسم المتوسط كحليا، ظهر أزرق. وبالجملة فإن المبصر الذي على هذه الصفة يظهر لونه كمثل اللون الممتزج من لونه ولون الجسم المتوسط بينه وبين البصر.
صفحہ 405