ينبغي (١)، وضعف قوله غنيّ عن البيان بما تقدم عن العلماء الأعلام، ويبعده قول أهل هذا الفنّ: الوقف على رءوس الآي سنة متبعة، والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع، ومما يبين ضعفه ما صح عن رسول الله ﷺ أنه نهى الخطيب لما قال: «من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما» ووقف. فقال له النبي ﷺ: «بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» ففي الخبر دليل واضح على كراهة القطع، فلا يجمع بين من أطاع ومن عصى، فكان ينبغي للخطيب أن يقف على قوله: فقد رشد.
ثم يستأنف: ومن يعصهما فقد غوى. وإذا كان مثل هذا مكروها مستقبحا في الكلام الجاري بين الناس فهو في كلام الله أشدّ كراهة وقبحا وتجنبه أولى وأحق، وفي الحديث «أن جبريل أتى النبي ﷺ فقال اقرإ القرآن على حرف.
فقال ميكائيل: استزده حتى بلغ سبعة أحرف» (٢) كل شاف ما لم تختم آية
ــ
نَسْتَعِينُ لكن الأول أتمّ لكونه آخر صفة المتقين، وما بعده صفة الكافرين. والثاني وإن استغنى عما بعده، لكن له به تعلق ما، لأن قوله اهْدِنَا سؤال من المخاطب، وقوله:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ موجه للمخاطب، فمن حيث أن الكلام كله صادر من المتكلم إلى المخاطب كان في أوّله تعلق بما في آخره، ومن حيث أن قوله وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ آخر الثناء على الله تعالى كان مستغنيا عما بعده، فالتام يتفاوت، فالأعلى تامّ، وما دونه تامّ لكنه يسمى حسنا أيضا، ومنه الوقف على قوله تعالى في الصافات: مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ هو وقف تام، لكن على أَفَلا تَعْقِلُونَ أتمّ، لأنه آخر القصة، ولذلك
_________
(١) هذا القول غير سليم تماما، لأن تقسيمات الوقوف لا تنافي إعجاز القرآن بل إن الوقوف السليمة تزيد المعنى وضوحا وبهاء وجلاء، وليس المقصود بالوقف القبيح- مثلا- أن القرآن العظيم به قبيح، بل إن المقصود أن ذلك المعنى الذي ينشأ عن وقف ما سوف يحيل المعنى وهذا هو وجه قباحته، والله أعلم.
(٢) أخرج البخاري في صحيحه (٦/ ٢٢٢) من رواية ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال أقرأني جبريل ﵇ على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف. وهو
1 / 18